ما هي الصلاة الوسطى؟

قال الله -تبارك وتعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،[١] وقد تعدّدت آراء أهل العلم في تحديد الصلاة الوسطى، ورجّح كثير منهم أنّ المقصود بالصلاة الوسطى صلاة العصر، ونوضّح أقوالهم فيما يأتي:


أقوال أهل العلم في الصلاة الوسطى

قيل إنّ الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وقيل: الفجر، واستند أصحاب هذين القولين إلى العديد من الأدلة التي تتحدّث عن فضل صلاة العصر وصلاة الصبح، وقيل: غيرهما، بدليل قراءة عائشة -رضي الله عنها-: "والصلاة الوسطى وصلاة العصر"، فالعطف يقتضي التغاير، ولكنّها قراءة شاذة، وتوضيح آراء الفقهاء وأهل العلم في تحديد الصلاة الوسطى فيما يأتي:[٢]

  • قيل: هي صلاة العصر، وهو قول الإمامين أبي حنيفة وأحمد.
  • قيل: هي صلاة الفجر، وإليه ذهب الإمامان مالك والشافعي.
  • قيل: هي صلاة الظهر، ونُقِل هذا القول عن زيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهم جميعاً-.
  • قيل: هي المغرب، لأنّها متوسّطة في عدد الركعات، فلا هي ثنائية، ولا هي رباعية،[٣] وإليه ذهب قبيصة بن ذؤيب.
  • قيل: هي صلاة العشاء، وقيل: الجمعة.[٣]
  • قيل: هي الصلوات الخمسة جميعها، لأنّها وسطٌ بين ما فُرِض على أهل الكتاب، ولأنّ شريعة الإسلام هي الوسطى بين الشرائع، وأمّة الوسط هي أمة الإسلام، فيكون التقدير: "حافظوا على الصلوات وهي الصلاة الوسطى"، والعطف هنا عطف بيان، والصلاة الوسطى في الآية هي الصلاة المحمودة التي ارتضاها الله لعباده، وإليه ذهب بعض المفسّرين.[٤]


ترجيح القول بأنّها صلاة العصر وأدلّته

رجّح كثير من أهل العلم أنّ الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، واستدلّوا بالعديد من الأدلة والنصوص الشرعية، ومنها:[٥]

  • ما أخرجه البخاري عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا مع النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ الخَنْدَقِ، فَقَالَ: مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ)، "وهي صَلَاةُ العَصْرِ".[٦]
  • ما أخرجه مسلم عن علي -رضي الله عنه- قال: (قالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ الأحْزَابِ: شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى، صَلَاةِ العَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا...).[٧]
  • ما أخرجه الترمذي من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الوسْطى صلاةُ العصرِ).[٨]


وقد قال الإمام أحمد: "تواطأت الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه أنَّ صلاة العصر هي الصلاة الوسطى"، وقال: "أكثرُ الأحاديث عن صلاة العصر"،[٩] وبناءً عليه فإنّ أقرب الأقوال صحّةً هي صلاة العصر؛ للأحاديث الثابتة في صحيحي البخاري ومسلم.[١٠]


الحكمة من إبهام الصلاة الوسطى

ذهب العديد من العلماء إلى أنّ الصلاة الوسطى تبقى مبهمة تبعاً لتعدّد الآراء فيها، ولأنّ الأدلّة عليها استنتاجية من النصوص وليست منصوصة، فهي غير معيّنة والأقوال في تحديدها كثيرة، ولعلّ الحكمة من إخفائها كالحكمة من إخفاء ليلة القدر في رمضان، وساعة الاستجابة في يوم الجمعة، وهي: أن يحرص المسلم على أداء جميع الصلوات المفروضة، ويُحافظ عليها في وقتها، فيؤدّي كلّ واحدةٍ منها على أنّها الصلاة الوسطى، فيستحضر عظمتها في نفسه.[١١]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:238
  2. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 283، جزء 49. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ابن الفرس، أحكام القرآن، صفحة 369، جزء 1. بتصرّف.
  4. عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 286، جزء 1. بتصرّف.
  5. سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 35، جزء 54. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:6396، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:627، صحيح.
  8. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:181، حسن صحيح.
  9. ابن تيمية، شرح عمدة الفقه، صفحة 157، جزء 2.
  10. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 130، جزء 6. بتصرّف.
  11. "الصلاة الوسطى: العصر أم الفجر؟"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 29/3/2023. بتصرّف.