سجود التلاوة هي السجدة التي يؤدّيها المسلم بسبب تلاوة أو سماع آية من القرآن الكريم فيها لفظ السجود، سواء كان في الصلاة أو خارجها، اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام البخاري في صحيحه قول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتي فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ، ونَسْجُدُ معهُ، حتَّى ما يَجِدُ أحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ).[١][٢]


حكم سجود التلاوة

أجمع جمهور أهل العلم على مشروعية سجود التلاوة، إلا أنه تعددت آراؤهم في حكمه، وبيان ذلك كما يأتي: [٣]


حكم سجود التلاوة بالنسبة للقارئ والمستمع

ذهب الفقهاء في حكم سجود التلاوة بالنسبة للقارئ، والمستمع (وهو الذي يقصد السماع، ويستمع بإصغاء وتفكّر)، إلى قولين وهما:[٤][٥]

  • الجمهور: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بأن سجود التلاوة سنة بالنسبة للقارئ والمستمع، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (قَرَأْتُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا)،[٦] فلو كان سجود التلاوة واجباً ما تركه -عليه الصلاة والسلام-.
  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى القول بأن سجود التلاوة واجب على القارئ والمستمع، ومن أدلتهم:
  • الأمر بالسجود في بعض الآيات القرآنية، والأمر يدل على الوجوب، كما في قوله تعالى: (فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا).[٧]
  • الذم واللوم لمن ترك السجود، ففي قوله تعالى: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ* وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ).[٨]


حكم سجود التلاوة بالنسبة للسامع

ذهب الفقهاء في حكم سجود التلاوة في حق السامع (وهو من لم يقصد السماع)، إلى ثلاثة أقوال بيانها كالآتي:[٤][٥]

  • الحنفية: قالوا بوجوب سجود التلاوة في حقّ السامع، حتى وإن لم يقصد السماع.
  • الشافعية: قالوا بسنيّة سجود التلاوة في حقّ السامع،حيث يستحب له السجود.
  • المالكية والحنابلة: قال المالكية والحنابلة بعدم مشروعية سجود التلاوة في حق السامع، لأن القصد في السماع شرط عندهم.


كيفية سجود التلاوة

يسجد المسلم سجدة التلاوة، كما يسجد للصلاة؛ وذلك بتمكين الأعضاء السجود واستقرارها على الأرض؛ وهي الجبهة مع الأنف، والكفيْن، والركبتيْن، وبواطن أصابع القدميْن، ويستحبّ فيها ذكر الله تعالى؛ من تسبيح وتحميد، ودعاء، ومما ورد في ذلك:[٩]

  • قول: "سبحان ربي الأعلى".
  • قول: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي".[١٠]
  • قول: "اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ".[١١]
  • قول: "اللَّهمَّ اكتب لي بها عندَكَ أجرًا وضع عنِّي بها وزرًا واجعلْها لي عندَكَ ذخرًا وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدِكَ داودَ".[١٢]

وتجدر الإشارة إلى أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة قد اشترطوا لصحة سجود التلاوة ما يشترط لصحة الصلاة، من الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، في حين ذهب مجموعة من العلماء، كابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، وغيرهم، رحمهم الله، إلى عدم اشتراط ذلك.[١٣]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1079 ، صحيح.
  2. صالح بن عبد الله اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 17. بتصرّف.
  3. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ، صفحة 1126. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 420-422. بتصرّف.
  5. ^ أ ب صالح بن عبد الله اللاحم، سجود التلاوة وأحكامه، صفحة 20-39. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت ، الصفحة أو الرقم: 1073.
  7. سورة النجم، آية:62
  8. سورة الانشقاق ، آية:20-21
  9. "الكيفية الصحيحة لسجود التلاوة "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4293، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:771، صحيح.
  12. رواه أحمد شاكر، في شرح سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2/473، صحيح.
  13. دبيان الدبيان، موسوعة أحكام الطهارة، صفحة 353-354. بتصرّف.