يُقصد بتكبيرة الإحرام أنّ يقول المصلّي لافتتاح الصلاة: "الله أكبر"، وسمّيت التكبيرة التي يدخل بها المصلي في الصلاة بتكبيرة الإحرام؛ لأنّه بقوله لها يحرم عليه القيام بالأشياء المباحة التي تنافي الصلاة، وتكبيرة الإحرام ركنٌ من أركان الصلاة عند جمهور الفقهاء وجزءٌ داخلٌ فيها، واعتبرها الحنفيَّة شرطًا من شروط الصلاة تسبقها، إلّا أنّهم جميعًا متّفقون على أنّ الصلاة لا تصحّ ولا تنعقد دونها، ويبدأ المصلي صلاته بالتكبير؛ ليستشعر عِظم ما أقبل عليه، وأنّ كلّ شيءٍ كان مشغولًا به قبل الوقوف بين يدي الله للصلاة -مهما كبر عظم-؛ فإنّ الله -تعالى- أكبر منه وأعظم،[١] وفيما يأتي بيانٌ لفضل المحافظة على تكبيرة الإحرام.


فضل المحافظة على تكبيرة الإحرام

يُراد بالمحافظة على تكبيرة الإحرام؛ أن يداوم المسلم على أداء الصلاة جماعةً وفي وقتها مع الإمام؛ فلا يتأخر فتفوته تكبيرة الإحرام؛ لما للمحافظة على تكبيرة الإحرام مع الإمام وأداء الصلاة جماعةً من فضلٍ عظيمٍ، وقد ورد في فضل المحافظة على تكبيرة الإحرام وشهودها مع الإمام جملةٌ من الأحاديث، وفيما يأتي ذكرٌ لها، واستخلاصٌ لفضل المحافظة على تكبيرة الإحرام منها.


الوقاية والبراءة من النار والنفاق

فقد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ من حافظ على تكبيرة الإحرام لأربعين يومًا، ولم يفوّتها أو يتأخر عنها؛ كتب الله -تعالى- له الأمن من النار يوم القيامة، وحفظه وأمّنه من النفاق وصفاته في الدنيا، كما رُوي عن أنسٍ بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (مَن صلَّى للَّهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدرِكُ التَّكبيرةَ الأولَى كُتِبَ لَه براءتانِ: براءةٌ منَ النَّارِ، وبراءةٌ منَ النِّفاقِ)،[٢][٣] ورُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه لم يكن يتخلّف في زمانهم عن حضور تكبيرة الإحرام الصلاة جماعةٍ دون عذرٍ إلا منافقٌ؛ لقوله: (وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ).[٤][٥]


مضاعفة الثواب والأجر

إنّ لشهود تكبيرة الإحرام وأداء الصلاة في جماعةٍ مزيد ثوابٍ وأجرٍ يفوق أجر وثواب أداء المصلي لها منفردًا؛ فالصلاة جماعةٌ يزيد ثوابها عن صلاة الفرد بخمسٍ وعشرين وقيل بسبعٍ وعشرين درجةً، وذلك كما في الحديث الذي أورده البخاري والمسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً).[٦][٣]


الحفظ من الشيطان واستحواذه

إنّ في التزام المسلم لتكبيرة الإحرام، وحرصه على أداء الصلاة جماعةً مع المسلمين؛ حفظًا له وللمصلّين من استحواذ الشيطان عليهم؛ وذلك لما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقامُ فيهمُ الصَّلاةُ إلَّا قدِ استحوذَ عليْهمُ الشَّيطانُ فعليْكم بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ القاصيةَ).[٧][٣]


دعاء الملائكة لمنتظر صلاة الجماعة

جاء في الحديث الصحيح أنّ الملائكة تستغفر وتدعو بالرحمة لكلّ مسلمٍ صلّى في المسجد، ثمّ جلس في مصلّاه الذي صلّى فيه منتظرًا الصلاة، ولم يمنعه من مغادرة المسجد إلا ترقّبه وشوقه لصلاة الجماعة، كما جاء في رواية البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (المَلائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دامَ في مُصَلّاهُ، ما لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لا يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُهُ أنْ يَنْقَلِبَ إلى أهْلِهِ إلَّا الصَّلاةُ)؛[٨] فالملائكة تستمر تدعو لمنتظر الصلاة ما لم يُحدث، وفسّر جملةٌ من العلماء قول النبي "يحدث" أي يرتكب ذنبًا يؤذي الناس به؛ كالغيبة ونحوها.[٩]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 217-218. بتصرّف.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:241، حسنه الألباني.
  3. ^ أ ب ت سعيد بن وهب القحطاني، صلاة الجماعة، صفحة 31-47. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:654، حديث صحيح.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1166. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:650، حديث صحيح.
  7. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:847، حسنه الألباني.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:659 ، حديث صحيح.
  9. "شرح حديث: الملائكة تصلي على أحدكم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/8/2022. بتصرّف.