يشرع للمسافر أن يجمع بين الصلوات، إذ إن السفر واحدٌ من الأسباب والأعذار التي تبيح للمصلي أن يجمع في صلاته؛ رفعاً للحرج والمشقة، وتيسيراً له، فيؤدي صلاتين في وقت إحداهما،[١] وقد جاء في السنة النبوية ما يدلّ على مشروعية الجمع بين الصلاتين في السفر، من ذلك الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمع بيْنَ الصَّلَاتَيْنِ في السَّفَرِ، أَخَّرَ الظُّهْرَ حتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بيْنَهُمَا).[٢]


والحديث الصحيح الذي رواه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، حتَّى إذَا كانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذلكَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا).[٣]


كيفية الجمع للمسافر

الصلوات التي يصح فيها الجمع

يشرع للمسافر أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء،[٤] أما صلاة الفجر فلا يشرع أن تجمع مع صلاة أخرى ولا يصح، كأن تُجمع مع صلاة العشاء، أو أن تُجمع مع صلاة الظهر، وكذلك لا يصح الجمع بين صلاتي العصر والمغرب.[٥]


نوعا الجمع في الصلاة

الجمع في الصلاة نوعان؛ جمع تقديمٍ، وجمع تأخيرٍ، وفيما يلي بيانها:[٦]

  • جمع التقديم: وهو أن يؤدي المصلي الصلاتيْن معاً في وقت الصلاة الأولى، كأن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر في وقت صلاة الظهر.
  • جمع التأخير: وهو أن يؤدي المصلي الصلاتيْن في وقت الصلاة الثانية، كأن يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في وقت صلاة العشاء.


كيفية جمع التقديم

يكون جمع التقديم بأداء صلاة الظهر والعصر في وقت صلاة الظهر، أو بأداء المغرب والعشاء في وقت صلاة المغرب، وحتى يصحّ جمع التقديم وقبول الصلاتيْن، لا بد من مراعاة الشروط التالية:[٧]

  • البداءة بالصلاة الأولى؛ وهي صلاة الظهر، إن أراد الجمع بين الظهر والعصر، وصلاة المغرب، إن أراد الجمع بين المغرب والعشاء؛ إذ إنه لا بد من مراعاة الترتيب بين الصلوات، لأن الوقت للصلاة الأولى.
  • نية الجمع؛ فيجب استحضار نية الجمع، ويكون وقتها أول الصلاة الأولى، ويصح في أثنائها حتى التسليم منها.
  • الموالاة بين الصلاتيْن؛ فيجب المتابعة في أداء الصلاتين، من غير أن يفصل بينهما بفاصل زمني طويل، وإذا كان الفاصل الزمني يسيراً فلا يضرّ.
  • دوام السفر؛ فيجب أن يستمر السفر ويدوم حتى يصح الجمع، وذلك حال افتتاح الصلاة الأولى والانتهاء من أدائها والافتتاح الصلاة الثانية.


كيفية جمع التأخير

يكون جمع التأخير بأداء صلاة الظهر والعصر في وقت صلاة العصر، أو بأداء صلاة المغرب والعشاء في وقت صلاة العشاء، ولصحة جمع التأخير وقبول الصلاتيْن، يجب مراعاة الشروط التالية:

  • نية الجمع؛ فيجب استحضار نية الجمع، ويكون وقتها قبل خروج وقت الصلاة الأولى بزمنٍ لو ابتدِئت فيه كانت الصلاة أداءً، فإذا أخّر الصلاة الأولى إلى وقت الثانية دون نية الجمع أثم بذلك، واعتبرت قضاءً.
  • دوام السفر؛ فيجب أن يستمر السفر، وهو شرط عند الشافعية والحنابلة؛ فاشترط الشافعية أن يدوم السفر حتى إتمام أداء الصلاتين، واشترط الحنابلة باستمرار السفر حتى دخول وقت الصلاة الثانية.


المراجع

  1. محمد حسن عبد الغفار، القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، صفحة 5. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:704، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:706، صحيح.
  4. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 438. بتصرّف.
  5. محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 490. بتصرّف.
  6. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1554. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 287-288. بتصرّف.