يُقصد بقصر الصلاة أن يقوم المسلم بتأدية الصلوات الرباعية في أثناء سفره ركعتين، فتُقصر صلاة الظهر، والعصر، والعشاء، وقد ثبتت مشروعيته في القرآن الكريم، كقول الله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)،[١] والضرب في الأرض هو السفر، وفي السنة النبوية ما ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (صَحبت النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ حتى قُبِض فكان لا يزيدُ على ركعتينِ وأبا بكر رضيَ اللهُ عنهُ حتى قُبِض فكان لا يزيدُ عليهما وعمرَ وعثمانَ كذلك)،[٢][٣] وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ قصر الصلاة في السفر من أحكام الشريعة الإسلامية التي تدلّ على التخفيف والتيسير ورفع الحرج والمشقة عن المكلفين، وهو ما امتازت به الشريعة الإسلامية؛ لكونها آخر الشرائع السماوية حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).[٤][٥]


كيف يقصر المسافر صلاته؟

  • يعمد المصلي في السفر إذا أراد قصر الصلاة إلى استحضار نية القصر، وقد تعددت آراء العلماء في ذلك، كما يأتي:[٦]
  • الحنفية: قالوا بأنّ نية السفر تكفي لقصر الصلاة وجعل فرض المسافر ركعتين، فلا يلزمه النية عند كل صلاة.
  • المالكية: قالوا بأنّ استحضار نية القصر لا تكون إلّا في أول صلاة يقصرها المسافر، ولا يلزمه تجديدها عند كل صلاة.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا باستحضار نية القصر عند تكبيرة الإحرام لكل صلاة، وذلك كقول: أؤدي صلاة السفر، أو نية صلاة الظهر ركعتين، وفي حال أطلق النية أو نوى الإتمام، لزمه إتمام الصلاة.
  • وبعد استحضار النية يؤدي المسافر فرض صلاة الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين فقط، ويُسرّ في قراءة الفاتحة وما بعدها في صلاتي الظهر والعصر، ويجهر بسورة الفاتحة وما بعدها في صلاة العشاء،[٧] وتجدر الإشارة إلى ثلاثة أمور:[٨]
  • أوّلهما: أنّ القصر في السفر جائز للمسافر في حالة الخوف أو الأمن.
  • ثانيهما: هناك عدة شروط لصحة قصر الصلاة، ومنها ما يأتي:[٩]
  • اتفق جمهور العلماء على اشتراط نية السفر، فإذا قطع شخص مسافة طويلة حتى تجاوز المسافة التي يجوز فيها القصر دون قصد السفر، فلا يشرع له قصر الصلاة.
  • اتفق جمهور العلماء على عدم جواز قصر الصلاة إلّا إذا كانت مسافة السفر مسيرة يومين كاملين، أي ما يعادل ثمانين كيلو متراً، بينما قال الحنفية أن مسافة السفر مسيرة ثلاثة أيام بلياليها.
  • اتفق جمهور العلماء على اشتراط كون السفر مباحاً، بحيث لا يشرع قصر الصلاة لمن سافر في معصية كقطع الطريق، أو السفر إلى بلاد الكفر لممارسة الرذيلة، وذهب الحنفية إلى عدم اشتراط ذلك.
  • ثالثها: عدم مشروعية أداء السنن الرواتب أثناء السفر ما عدا سنة الفجر، والتنفل بما شاء المسافر من النوافل كقيام الليل، وصلاة الوتر، وقد ذُكر ذلك عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، وتكمن الحكمة في منع أداء السنن الرواتب حال قصر الصلاة في السفر أنّ الله -تعالى- أسقط عن المسافر ركعتين من الفرض، فكان من باب أولى أن تسقط السنة.[١٠][١١]


حكم قصر الصلاة

تعددت آراء العلماء في حكم قصر الصلاة مع اتفاقهم على مشروعيته، كما يأتي:[١٢]

  • الحنفية: قالوا بأنّ قصر الصلاة في السفر فرض، لذا فلا يجوز للمسافر الإتمام، وقد استدلوا على ذلك بما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ).[١٣]
  • المالكية: قالوا بأنّ قصر الصلاة في السفر سنة مؤكدة، حيث يستحب للمسافر أن يقصر صلاته.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بجواز قصر الصلاة في السفر، فهو مخيّر؛ إن شاء قصر، وإن شاء أتم.


المراجع

  1. سورة النساء، آية:101
  2. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عيسى بن حفص، الصفحة أو الرقم:143، صحيح.
  3. مجموعة مؤلفين، موسوعة المفاهيم الاسلامية العامة، صفحة 403. بتصرّف.
  4. سورة الحج، آية:78
  5. سمير الحراسيس (3-6-2010)، "رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتطبيقاته "، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2021. بتصرّف.
  6. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 278. بتصرّف.
  7. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الأولى»**/ كيفية قصر الصلاة/i117&d83615&c&p1 " كيفية قصر الصلاة"، نداء الايمان، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2021. بتصرّف.
  8. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 273. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار، عبد الله المطلق، محمد الموسى، الفقه الميسر، صفحة 408-412. بتصرّف.
  10. أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 7. بتصرّف.
  11. خالد المشيقح، المختصر في فقه العبادات، صفحة 47. بتصرّف.
  12. عبد الله الطيار، عبد الله المطلق، محمد الموسى، الفقه الميسر، صفحة 407. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:685 ، صحيح.