ماذا يقرأ في صلاة العيد؟

صلاة العيد ركعتيْن، يسنّ للمصلي عند جمهور الفقهاء أن يقرأ بعد الفاتحة؛ سورة الأعلى في الركعة الأولى وسورة الغاشية في الركعة الثانية، وندبَ المالكية بقراءة سورة الشمس في الركعة الثانية، وذهب الشافعية إلى ندب قراءة سورة ق بعد الفاتحة في الركعة الأولى، وقراءة سورة القمر في الركعة الثانية، ويستحب التنويع في السور وعدم الالتزام بسورٍ معينةٍ؛ وذلك من باب العمل بالسنة وإحيائها، وعدم هجر باقي سور القرآن.[١][٢]


دليل القراءة في صلاة العيد

استدلّ الفقهاء على استحباب قراءة السور التي ذكرت سابقاً في صلاة العيد استناداً على الأحاديث التالية:[٣][٤]

  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ وفي الجُمُعَةِ بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. قالَ: وإذَا اجْتَمع العِيدُ وَالْجُمُعَةُ في يَومٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ بهِما أَيْضًا في الصَّلَاتَيْنِ).[٥]
  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي واقد الليثي -رضي الله عنه-: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: ما كانَ يَقْرَأُ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في الأضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقالَ: كانَ يَقْرَأُ فِيهِما بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، وَ{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}).[٦]


سنية الجهر بالقراءة في صلاة العيد

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن صلاة العيد من مواضع الجهر في القراءة، فيندب للإمام أن يجهر في قراءته في صلاة العيد، أما المأموم فلا يشرع في حقه الجهر، وإنما عليه أن يستمع للإمام وينصت إليه، وقد دلّ على سنية الجهر في صلاة العيد نقْل الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وحفظهم للسور التي كان -عليه الصلاة والسلام- يقرأها في صلاة العيد، فدلّ هذا أنه كان يجهر في قراءته.[٧][٤]


الحكمة من قراءة سورتي الأعلى والغاشية

بيّن أهل العلم أن الحكمة من قراءة سورتي الأعلى والغاشية في صلاة العيد تكمن في تشابه حال الناس يوم العيد بحالهم يوم القيامة، حيث وصفت سورتا الأعلى والغاشية صنفيْ الناس يوم القيامة؛ الفائز الذي يفرح بلقاء الله، لِما كان عليه في حياته الدنيا من إقباله على طاعة الله وعبادته، فجاء في سورة الغاشية: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ* لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ...)،[٨] والخاسر الذي نسي طاعة الله في حياته وأقبل على دنياه، فيخيب ويخسر يوم القيامة، فقال -تعالى-: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ* عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ* تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً...)،[٩][١٠]


وكذا حال الناس يوم العيد؛ فمن عمل واجتهد في رمضان وفي تسع ذي الحجة، فهو من الفائزين يوم العيد، يأتي للصلاة مقبلاً فرحاً للقاء الله، ومن أعرض عن ذكر الله في رمضان وذي الحجة وقصّر في الطاعة، فهو من الخاسرين يوم العيد، يحضر الصلاة خاضعاً غافلاً، مختوماً على قلبه بالجحود والظلمة.[١٠]


وكذلك فإن سورتي الغاشية والأعلى تتضمن في معانيها مفهوم تزكية النفس والرجوع إلى الله والإقبال عليه، والتذكير والحثّ على ذلك، وهذا هو أهم الأعمال التي يحتاجها الناس، ففي العيد يبدأ الناس بالتكبير والتهليل، وترتفع الأصوات بذكر الله، والمقصد من هذه العبادة والعبادات كلها تزكية النفس، فجاء في سورة الاعلى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى).[١١][١٠]


الحكمة من قراءة سورتي ق والقمر

تكمن الحكمة في قراءة سورة القمر و ق في صلاة العيد كما بيّن أهل العلم أن هاتين السورتين تتضمنان ذكر أحوال الأمم الماضية وإهلاك الجاحدين المكذبين منهم ونجاة المؤمنين الصادقين، كما وفيهما من العبر والمواعظ الكثيرة من ذكر البعث وأحوال يوم الجزاء؛ وهذا من باب تذكير الحاضرين للصلاة بيوم القيامة.[١٠]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقية الكويتية، صفحة 247. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1395. بتصرّف.
  3. محمد إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 661. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "المَطلَبُ الثالث: القِراءةُ في صَلاةِ العِيدَينِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 3/11/2022. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:878 ، حديث صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي واقد الليثي، الصفحة أو الرقم:891، حديث صحيح.
  7. "الجهر والإسرار.. حكمهما ومواضعهما"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 3/11/2022. بتصرّف.
  8. سورة الغاشية، آية:8-10
  9. سورة الغاشية، آية:2-4
  10. ^ أ ب ت ث "صلاة العيد، حِكَم وأحكام"، الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 3/11/2022. بتصرّف.
  11. سورة الأعلى، آية:14-15