الحكمة من تحديد الصلوات الخمسة في مواعيد

فرض الله -سبحانه وتعالى- الصلاة على عباده المسلمين، وجعلها خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وحدّد لكلّ صلاةٍ منها وقتًا محدَّدًا لها، وعيّن متى يدخل وقت كلّ صلاةٍ ومتى ينتهي، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] فلكلّ صلاةٍ وقتٌ محدَّدٌ لأدائها شرعًا.


أمّا عن الحكمة والسبب في تحديد كلّ صلاةٍ منها بوقتٍ؛ فإنّ الغالب على أفعال الصلاة، وما يتّصل بها من حيث كيفيَّتها، وعدد ركعاتها، وأوقاتها أنّها أمورٌ تعبّديَّةٌ؛ أي أنّه لم يرد نصٌّ يبيّن تحديدًا الحكمة منها وسببها، إلّا أنّ على المسلم الالتزام تعبُّدًا لله -تعالى- بما أمره وإن لم تتبيّن له الحكمة؛ لأنّه مأمورٌ بالتسليم لله، ولأنّ كلّ أوامره ونواهي -سبحانه وتعالى- صادرةٌ عن حكمةٍ بالغةٍ وإن لم تظهر لنا.[٢]


وقد تلمّس بعض العلماء معانٍ وحِكمًا لكون الصلوات الخمس محدَّدةً بأوقات، فيما يأتي ذكرٌ لجملةٍ منها:[٢]

  • تعزيز قيمة الانضباط والتنظيم: بحيث ينظّم المسلم أوقاته ويُجدول أعماله ومهامه على مواعيد الصلاة؛ فينتظم يومه، وينضبط وقته بانضباط مواقيتها.
  • بقاء المسلم على صلة بالله وذكرٍ له طوال يومه: فإنّ توزيع الصلوات الخمس على أوقاتٍ اليوم كلّه؛ يبقي المسلم على صلةٍ بالله -تعالى- وذكرٍ له طوال نهاره وليله، فلا ينقطع عن الله وذكره لفتراتٍ تطول.[٣]
  • البعد عن الملل والسأم: فقد يسأم المسلم ويملّ إذا تركّزت الصلوات الخمس كلّها في وقتٍ واحدٍ، أو وجب عليه تأديتها مجتمعةً في أوقاتٍ متقاربةٍ، فلتوزيعها على اليوم كلّه دورٌ في عدم الملل أو الفتور من أدائها.[٣]


مواقيت الصلوات الخمسة

جاءت السنّة النبويّة على بيان الوقت المحدَّد لكلّ صلاةٍ من الصلوات الخمس؛ كما رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (جاءَ جبريلُ إلى النَّبيِّ حينَ زالتِ الشَّمسُ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ الظُّهرَ حينَ مالتِ الشَّمسُ، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا كانَ فَيءُ الرَّجلِ مثلَهُ جاءَهُ للعَصرِ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ العصرَ، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا غابتِ الشَّمسُ جاءَهُ فقالَ: قُم فصلِّ المغربَ، فقامَ فصلَّاها حينَ غابتِ الشَّمسُ سواءً، ثمَّ مَكَثَ حتَّى إذا ذَهَبَ الشَّفقُ جاءَهُ فقالَ: قُم فصلِّ العشاءَ فقامَ فصلَّاها، ثمَّ جاءَهُ حينَ سطعَ الفَجرُ في الصُّبحِ فقالَ: قُم يا محمَّدُ فصلِّ، فَقامَ فصلَّى الصُّبحَ، ثُمَّ جاءَهُ منَ الغَدِ حينَ كانَ فيءُ الرَّجلِ مثلَهُ فقالَ: قُمْ يا محمَّدُ فَصلِّ، فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ جاءَهُ جبريلُ عليهِ السَّلامُ حينَ كانَ فيءُ الرَّجُلِ مِثلَيهِ فقالَ: قُم يا مُحمَّدُ فصلِّ، فصلَّى العَصرَ، ثمَّ جاءَهُ للمغرِبِ حينَ غابتِ الشَّمسُ وقتًا واحدًا لم يزَلْ عنهُ فقالَ: قُم فصلِّ فصلَّى المغربَ، ثمَّ جاءَهُ للعِشاءِ حينَ ذَهَبَ ثلثُ اللَّيلِ الأوَّلُ فقالَ: قم فصلِّ، فصلَّى العشاءَ، ثمَّ جاءَهُ للصُّبحِ حينَ أسفرَ جدًّا فقالَ: قُم فصلِّ، فصلَّى الصُّبحَ، فقالَ: ما بَينَ هذَينِ وقتٌ كلُّهُ).[٤][٥]


وفيما يأتي توضيحٌ لأوّل وقت كلّ صلاةٍ من الصلوات الخمس وآخره:[٦]

  • صلاة الفجر: ويدخل وقت صلاة الفجر؛ بانشقاق الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس؛ أي ظهور جزءٍ منها.
  • صلاة الظهر: يبدأ وقت صلاة الظهر من زوال الشمس؛ أي ارتفاعها إلى قبّة السماء، وينتهي وقتها حين يصبح طول ظلّ كلّ شيءٍ مثله، وهو بداية وقت صلاة العصر.
  • صلاة العصر: يدخل وقت صلاة العصر حين يصير طول ظلّ كلّ شيءٍ مثله، وينتهي بغروب الشمس.
  • صلاة المغرب: يبدأ وقت صلاة المغرب بغروب الشمس، وينتهي بغياب الشفق الأحمر في السماء.
  • صلاة العشاء: يبدأ وقت صلاة العشاء من غياب الشفق الأحمر، ويستمرّ إلى انشقاق الفجر الصادق.

المراجع

  1. سورة النساء، آية:103
  2. ^ أ ب "من الحكم في توقيت الصلاة"، إسلام ويب، 8/3/2004، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2022. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "الحكم من توزيع أوقات الصلوات الخمس على مدار اليوم"، إسلام ويب، 20/1/2011، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2022. بتصرّف.
  4. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:525، صححه الألباني.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 663. بتصرّف.
  6. محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 64. بتصرّف.