الوقت بين الأذان والإقامة
الوقت بين أذان وإقامة الصلوات سِوى المغرب
يرى الفقهاء استحباب الفصل بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات -عدا صلاة المغرب- بمقدار جلوسٍ أو صلاةٍ أو مدَّةٍ زمنيَّةٍ تسمح للمصلّين بالحضور، مع الانتباه إلى عدم تأخير الصلاة عن وقتها المستحبّ، وقالوا بكراهة إقامة الصلاة بعد الأذان مباشرة، ويدلّ على استحباب الفصل بينهما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صَلاةٌ، بيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صَلاةٌ، ثُمَّ قالَ في الثَّالِثَةِ: لِمَن شاءَ).[١][٢]
وقدّر بعض أهل العلم مقدار الفصل المناسب بين الأذان والإقامة، فنُقِل عن الإمام أبي حنيفة أن الفصل المناسب في صلاة الفجر يكون بمقدار قراءة عشرين آية، وفي الظهر بمقدار صلاة أربع ركعات يُقرأ في كلّ ركعةٍ منها عشر آيات، وفي العصر بمقدار صلاة ركعتين في كلّ ركعة نحو عشر آياتٍ أيضاً.[٢]
وقد قال بعض أهل العلم: لا يوجد مدّة محدّدة، فيفصل الإمام بقدر ربع ساعةٍ أو ثلث ساعة وقريب من ذلك، فهذا مناسب،[٣]وترك بعض أهل العلم تقدير وقت الفصل المناسب بين الأذان والإقامة للإمام، بحيث يُقدّر مصلحة الجميع، ويُراعي ظروف المصلّين، فيفصل بمقدار ما يُمكّن المصلّين من ترك أعمالهم وأشغالهم والحضور إلى المسجد ولحاق صلاة الجماعة.[٤]
وعلى سبيل المثال: إنّ تقدير هذا الوقت إذا كان المسجد قريباً من السوق أو في مؤسَّسةٍ معيَّنةٍ يختلف عن تقديره إذا كان المسجد في حيٍّ من الأحياء، فالأفضل في الأوّل تقصيره؛ حتى لا يُلحق الفصل الطويل ضرراً بالموظفين وروّاد الأسواق، أمّا في الحالة الثاني فلا بأس بتأخير وقت الانتظار حتى يحضر أكثر المصلّين، وتُسنّ إطالة مدّة الانتظار في صلاة الفجر، فقد جرى العرف أنْ تكون المدة بمقدار نصف ساعة؛ حتى يستيقظ النّاس ويتهيّأوا للحضور إلى الصلاة دون تأخير.[٤]
الفصل بين أذان صلاة المغرب وإقامتها
اتّفق الفقهاء على تعجيل الإقامة بعد أذان المغرب، مستدلّين بحديث: (بَيْنَ كلِّ أذانَيْنِ صلاةٌ لِمَن شاء إلَّا المغرِبَ)،[٥] وهو حديثٌ ضعيف، واستدلّوا كذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزالُ أمَّتي على الفطرةِ ما لم يؤخِّروا المغربَ حتَّى تشتبِكَ النُّجومُ)،[٦] وبناءً على ذلك قالوا: يُسنّ أنْ يكون الفصل بين أذان المغرب وإقامة الصلاة بمقدارٍ يسير، وقد ذكر بعض الفقهاء مقدار هذا الفصل على النحو الآتي:[٢]
- الإمام أبي حنيفة والمالكية
قالوا يكون مقدار الفصل بين أذان المغرب وإقامة الصلاة بمقدار قراءة ثلاث آيات.
- الشافعية والحنابلة
قالوا يُفصل بين أذان المغرب والإقامة بمقدار جلسةٍ خفيفةٍ كالجلسة التي تكون بين خطبتيّ الجمعة.
الحكمة من الوقت بين الأذان والإقامة
شُرِع الأذان لإعلام النّاس بدخول وقت الصلاة، ولا بدّ بعده من فاصلٍ يُراعي ظروف النّاس وتأهّبهم للصلاة وحضورهم للجماعة، وإلا ضاعت فائدة النّداء، فالحكمة من الوقت بين الأذان والإقامة هو عدم تفويت صلاة الجماعة وأجرها على المسلمين، خاصةً أن منازل بعض النّاس تكون بعيدةً عن المسجد، وربما كان المسلم يأكل أو يريد الوضوء، لِذلك كان في التمهّل بين الأذان والإقامة إعانةٌ للمسلمين على البرّ والتقوى.[٧]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مغفل، الصفحة أو الرقم:627، صحيح.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 15، جزء 6.
- ↑ الشيخ ابن باز، "بيان المدة المناسبة بين الأذان والإقامة"، الموقع الرسمي للإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب د. حسام عفانة، فتاوى د. حسام عفانة، صفحة 204، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن بريدة، الصفحة أو الرقم:179، لم يرو هذا الحديث عن حيان إلا عبد الواحد.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن العباس بن عبد المطلب، الصفحة أو الرقم:569، صححه الألباني.
- ↑ سعيد القحطاني، الأذان والإقامة، صفحة 75-76. بتصرّف.