- شرع الله -تعالى- الأذان للعديد من الحِكم ومنها: تذكير الناس بالتوحيد ليلاً ونهاراً، والإعلان والتعريف بأنّ الديار إسلاميةٌ وإظهار الشعائر، ودعوة الناس للصلاة وتنبيه الغافلين عنها، وإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة ومكان تأديتها ودعوتهم لصلاة الجماعة لنيل فضلها العظيم، لذا اتفق اتفق العلماء على أنّ حكم الأذان فرض كفاية، وقد استدلوا على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وإذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ).[١][٢][٣]
- وتجدر الإشارة إلى أنّه قد ثبت العديد من الأحاديث الصحيحة في فضل الأذا،ن ومنها قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا)،[٤] أي استبقوا عليه، وما ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال لعبد الله بن رحمن -رضي الله عنه-: (إنِّي أرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ والبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ في غَنَمِكَ، أوْ بَادِيَتِكَ، فأذَّنْتَ بالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بالنِّدَاءِ، فإنَّهُ: لا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ ولَا إنْسٌ ولَا شيءٌ، إلَّا شَهِدَ له يَومَ القِيَامَةِ).[٥][٣]
ما حكم من صلى قبل الأذان؟
- لا يجوز للمسلم الصلاة قبل الأذان، حيث اتفق العلماء على أنّ دخول وقت الصلاة والذي يُعدّ الأذان علامة تدلّ عليه سبب لوجوب الصلاة على المسلمين،[٦] وإن فعل ذلك وكبّر تكبيرة الإحرام ثمّ دخل وقت الصلاة فصلاته غير صحيحة، ولا تُقبل منه على أنّها فريضة ويجب عليه إعادتها، أمّا إن كان جاهلاً بالوقت فتُقبل صلاته على أنّها نافلة ويجب عليه إعادتها.[٧][٨]
- حيث إنّ الله -تعالى- قد جعل لكل صلاة من الصلوات الخمسة المفروضة وقتاً معيناً، ولا يجوز إخراجها عنه سواء في وقت الخوف أو الأمن، لقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)،[٩][١٠] فصلاة الفجر يبدأ وقتها عند طلوع الفجر الثاني من ناحية الشرق، وصلاة الظهر يبدأ وقتها بزوال الشمس عن وسط السماء وميلها نحو الغرب، وصلاة العصر يبدأ وقتها حين يصبح ظل كل شيء مثله، أمّا صلاة المغرب فيبدأ وقتها عند غروب الشمس، وصلاة العشاء يبدأ وقتها عند مغيب الشفق الأحمر.[٦]
حكم الصلاة أثناء الأذان
يُشرع للمسلم الصلاة أثناء الأذان، فلا يُشترط أن ينتظر انتهاء الأذان كاملاً حتى يبدأ صلاته، بحيث إذا سمع المؤذن يقول "الله أكبر"، فكبر تكبيرة الإحرام وبدأ صلاته فصلاته صحيحة ولا يجب عليه إعادتها، وذلك لأنّ الأذان إعلانٌ لدخول وقت الصلاة وإذا دخل الوقت صحّت الصلاة، وتجدر الإشارة إلى ثلاثة أمور:[١١][١٢]
- أوّلها: يُستحب للمسلم الاستماع للمؤذن والترديد معه وانتظار انتهاء الأذان كاملاً حتى يبدأ صلاته؛ وذلك حتى ينال الأجر العظيم والمغفرة التي وعدها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمن يُردّد مع المؤذن.
- ثانيها: يُستحب للمسلم الذي عمد إلى تأدية الصلاة منفرداً أثناء الأذان إعادتها في حال وجدت الجماعة؛ وذلك لنيل الأجر العظيم المترتّب على صلاة الجماعة.
- ثالثها: استدلّ العلماء على جواز الصلاة أثناء الأذان بما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ المُؤَذِّنُ إذا أذَّنَ قامَ ناسٌ مِن أصْحابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوارِيَ، حتَّى يَخْرُجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهُمْ كَذلكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ، ولَمْ يَكُنْ بيْنَ الأذانِ والإِقامَةِ شيءٌ)،[١٣] حيث يُقصد بلفظ (يَبْتَدِرُونَ السَّوارِيَ) أي يتسابقون إلى الأعمدة التي كان سقف المسجد يُرفع عليها، وذلك للاستتار بها لكونهم يصلّون فرادى، وممّا قاله العلماء في شرح الحديث السابق أنّ الصحابة كانوا يبدؤون بصلاة ركعتين نافلة قبل المغرب في أثناء الأذان ويفرغون منهما مع انتهاء الأذان.[١٤][١٥]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:6008 ، صحيح.
- ↑ " حُكمُ الأذانِ، وحُكمُ الصَّلاةِ بدونه، وما إذا اتُّفِقَ على ترْكه"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 387-388. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:615 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:609، صحيح.
- ^ أ ب ابن رشد، المقدمات الممهدات، صفحة 148-149. بتصرّف.
- ↑ كوكب عبيد، فقه العبادات على المذهب المالكي، صفحة 132. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، صفحة 360. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:103
- ↑ ابراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 337. بتصرّف.
- ↑ "هل يصح المباشرة بصلاة الفريضة عند أول الأذان؟"، دار الافتاء ، 17-5-2010، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2021. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين ، فتاوى الشبكة الاسلامية، صفحة 5233. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:625 ، صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الموسوعة الحديثية، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2021. بتصرّف.
- ↑ محمد الاتيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، صفحة 355-358. بتصرّف.