وقت انتهاء صلاة العشاء
تعدّدت آراء الفقهاء في وقت انتهاء صلاة العشاء، واستدلّ كلّ فريقٍ منهم بالعديد من الأدلة الشرعية، وسيتمّ بيان أقوالهم فيما يأتي:
القول الأول: عند طلوع الفجر الصادق
ذهب الحنفية والشافعية إلى القول بأنّ وقت صلاة العشاء ينتهي بطلوع الفجر الصادق، واستدلّوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أول وقت العشاء حين يغيب الشفق، وآخره حين يطلع الفجر)،[١][٢] ويُسمّى الفجر الصادق بالفجر المستطير أيضاً، وهو الذي يكون منتشراً في الأفق معترضاً، أمّا المستطيل الذي يمتدّ للأعلى فيُسمّى بالفجر الكاذب، وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه ذلك فقال: (لا يَغُرَّنَّكُمْ مِن سَحُورِكُمْ أَذَانُ بلَالٍ، وَلَا بَيَاضُ الأُفُقِ المُسْتَطِيلُ هَكَذَا، حتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا).[٣][٤]
القول الثاني: آخره إلى ثلث الليل
ذهب المالكية إلى القول بأنّ ثلث الليل هو آخر وقت للعشاء، واستدلّوا بما جاء في حديث تعليم مواقيت الصلاة، ففيه: (... ثُمَّ أَخَّرَ المَغْرِبَ حتَّى كانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفقِ، ثُمَّ أَخَّرَ العِشَاءَ حتَّى كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقالَ: الوَقْتُ بيْنَ هَذَيْنِ).[٥][٢]
القول الثالث: آخره إلى نصف الليل
ذهب الحنابلة إلى القول بأنّ آخر وقت العشاء الاختياري ينتهي بنصف الليل، أما الوقت الذي يليه إلى طلوع الفجر فهو وقت الضرورة، ويُرخّص فيه لأصحاب الأعذار، مثل المريض الذي شُفي من مرضه في هذا الوقت، أو الحائض التي طهرت، واستدلّوا على ذلك بعدّة نصوصٍ شرعية، ومنها:[٢]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أوَّلَ وقتِ العِشاءِ الآخرةِ حينَ يَغيبُ الأفقُ، وإنَّ آخَرَ وقتِها حينَ ينتَصفُ اللَّيلُ).[٦]
- قول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في حديث النبي عن مواقيت الصلاة: (... ثم جاءه المغربَ وقتًا واحدًا، والعشاءَ حين ذهب نصفُ الليلِ، أو قال ثلُثُ الليلِ).[٧]
ويمكن معرفة زمن انتهاء الوقت الاختياري للعشاء من خلال معرفة وقت غروب الشمس ووقت طلوع الفجر بدقّة، ثمّ يتمّ تقسيم هذه الفترة إلى قسمين، ويكون نصفها هو الوقت الذي ينتهي فيه وقت العشاء الاختياري بحسب ما ذهب إليه الحنابلة وغيرهم من أهل العلم.[٨]
الأفضل في وقت العشاء
تعدّدت أقوال الفقهاء في وقت أفضليّة أداء صلاة العشاء، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- الأفضل تأخيرها
ذهب الحنفية والحنابلة إلى القول بأفضلية تأخير أداء صلاة العشاء إذا كان ذلك لا يُسبّب مشقَّة لصاحبه، واستدلّوا بما ثبت عن أبي برزة الأسلمي عندما سُئل عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (... وكانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَ العِشاءَ -الَّتي تَدْعُونَها العَتَمَةَ- وكانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَها)،[٩] وثبت عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ العِشَاءِ الآخِرَةِ).[١٠][١١]
وهذا الاستحباب يكون في حقّ مَن لا يشقّ عليه تأخيرها، ولا يخاف أن ينساها أو يفوّتها عن وقتها، أو ينام قبلها، أو يفوّت صلاة الجماعة بسبب تأخيرها، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... لَولا ضعفُ الضَّعيفِ وسقمُ السَّقيمِ لأمرتُ بِهذِه الصَّلاةِ أن تؤخَّرَ إلى شطرِ اللَّيلِ)،[١٢][١٣] أمّا إذا كان تأخيرها سيؤدّي إلى تفويت الجماعة فالأولى تقديمها وصلاتها في جماعة عن تأخيرها منفرداً.[١٤]
- الأفضل أن لا تؤخّر
ذهب المالكية والشافعية إلى القول بأنّ تقديم صلاة العشاء في أول وقتها أفضل، ولا يُستحبّ تأخيرها، ولا ينبغي ذلك إلا لمن كان لديه ظرف أو عمل مهم.[١٥]
المراجع
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:285.
- ^ أ ب ت عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 251-252، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:1094، صحيح.
- ↑ محمود عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 69، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:614، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:151، صححه الألباني.
- ↑ رواه ابن كثير، في إرشاد الفقيه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:93، صحيح.
- ↑ "الوقت الاختياري لصلاة العشاء وكيفية حساب نصف الليل"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:547، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم:643، صحيح.
- ↑ "وقت صلاة العشاء"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:537، صححه الألباني.
- ↑ "يجوز تأخير صلاة العشاء إلى شطر الليل"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
- ↑ "حكمة تأخير صلاة العشاء"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2023. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 254، جزء 1. بتصرّف.