وقت صلاة الاستسقاء

إذا كان الاستسقاء بالدعاء فقط فهو مشروعٌ في أيّ وقت، أمّا إذا كان بأداء ركعتي الاستسقاء فتُشرع في كلّ وقتٍ عدا أوقات النهي عن الصلاة، وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم،[١] أي إنّ الوقت الذي تُشرع فيه صلاة الاستسقاء هو الوقت الذي تُباح فيه صلاة النّافلة.[٢]


وقد قال المالكية: وقتها كوقت صلاة العيد بعد طلوع الشمس وانتهاء وقت الكراهة إلى زوال الشمس، ويرى الشافعية جواز صلاتها في وقت النهي؛ لأنّها من ذوات الأسباب،[٢] أمّا الوقت الأفضل لأداء صلاة الاستسقاء فقد ذهب العديد من أهل العلم إلى القول بأفضليّة صلاتها في وقت صلاة العيد، لقول عائشة -رضي الله عنها-: (... فخَرَج رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين بَدَا حاجِبُ الشَّمسِ).[٣][٤]


وقد قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وليس لِصلاةِ الاسْتِسْقاءِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، إلَّا أنَّها لا تُفْعَلُ في وَقْتِ النَّهْي بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ وَقْتَها مُتَّسِعٌ، فلا حاجَةَ إلى فِعْلِها في وَقْتِ النَّهْي، والأوْلَى فِعْلُها في وَقْتِ العِيدِ،... ولأنَّها تُشْبِهُهَا فِي المَوْضِعِ والصِّفَةِ، فكذلك في الوَقْت إلَّا أنَّ وَقْتَها لا يَفُوتُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ، لأنَّها ليس لها يَوْمٌ مُعَيَّنٌ".[٥]


متى تُشرع صلاة الاستسقاء؟

تُشرع صلاة الاستسقاء عند انحباس المطر وإذا أجدبت الأرض؛ أي جفّت وتضرّرت لعدم نزول المطر، فينبغي حينها اللجوء إلى الله -سبحانه- والتضرّع بين يديه بالدعاء والصلاة وكثرة الاستغفار واجتناب المعاصي،[٦] ويُشرع للإمام أن يحدّد للنّاس وقتاً يخرجون فيه خاشعين متذلّلين متواضعين ليؤدّوا صلاة الاستسقاء رجالاً ونساءً، كباراً وصبياناً.[٧]


حكم صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء سنَّةٌ مؤكّدة، فقد ثبت عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنّه قال: (خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلى القِبْلَةِ يَدْعُو وحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ)،[٨] وتُصلّى خارج المساجد بالمساحات الخالية، فقد صلّاها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحراء، لأنّ ذلك أبلغ في إظهار الافتقار إلى الله -سبحانه-.[٩]


كيفية صلاة الاستسقاء

السُّنّة أن يخرج النّاس جميعهم لصلاة الاستسقاء متواضعين متذلّلين إلى الله -سبحانه-، فيُصلّي بهم الإمام ركعتيّ الاستسقاء، وهيئتها كهيئة صلاة العيد، فيُكبّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، ويُسنّ أن يقرأ في ركعتيّ الاستسقاء بسورة الأعلى وسورة الغاشية، ثمّ يخطب بالنّاس ويعظهم، ويُضمّن خطبته بالاستغفار والدعاء، ويحثّ الناس على ذلك، وعلى الصدقة وفعل الخير واجتناب المنكرات.[١٠]


ويُسنّ أن يستقبل الإمام القِبلة في آخر الدعاء، فيُحوّل رداءه -أي يَقْلبه- إظهاراً للافتقار والتذلّل إلى الله -تعالى-، وقيل: تفاؤلاً بتغيير الحال من الشدّة إلى الرخاء، فقد ثبت عن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنّه قال: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ...).[١١][١٢]

المراجع

  1. "وقت صلاة الاستسقاء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 4/7/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 328، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1242، صحيح على شرط الشيخين.
  4. سعيد بن وهف القحطاني، صلاة الاستسقاء، صفحة 23. بتصرّف.
  5. ابن قدامة، المغني، صفحة 337-338، جزء 3.
  6. صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 286، جزء 1. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 190، جزء 1. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:1024، صحيح.
  9. موقع وزارة الأوقاف السعودية، من أحكام الاستسقاء والجنائز، صفحة 2-3. بتصرّف.
  10. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 170، جزء 7. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:1025، صحيح.
  12. موقع وزارة الأوقاف السعودية، من أحكام الاستسقاء والجنائز، صفحة 4. بتصرّف.