تعريف العجن في الصلاة

إنّ مِن معاني العجن لغةً: النهوض مع الاعتماد على اليدين، فيُقال: عجن فلانٌ، أي: "نهضَ معتمداً بيديه على الأرض كِبَرًا أو سِمَنًا"،[١] أمّا العجن في الصلاة فهو أن ينهض المصلّي من الركعة إلى الركعة التي تليها على هيئة العاجن، وذلك بجمع يديه والاتّكاء على ظهورهما حال نهوضه وقيامه للأعلى كهيئة مَن يعجن العجين،[٢] وسيتمّ فيما يأتي بيان الأحكام المتعلّقة بالعجن في الصلاة.


حكم العجن في الصلاة

يعتمد حكم العجن في الصلاة على صحّة الحديث الذي ورد فيها، حيث ورد أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجن في الصلاة؛ أي يقوم بهيئة العاجن التي ذكرناها سابقاً، ولكنّ حديث العجن فيه خلافٌ بين أهل العلم، وقد ضعّفه أكثرهم، ومنهم: ابن الصلاح وابن رجب وغيرهم، وقالوا بعدم مشروعية العمل به، بينما صحّحه الألباني، وصحّح العمل به بناءً على ذلك.[٣]


والحديث هو: (عنِ الأزرقِ بنِ قيسٍ قال: رأَيْتُ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ وهو يعجِنُ في الصَّلاةِ يعتمِدُ على يدَيْهِ إذا قام، فقُلْتُ: ما هذا يا أبا عبدِ الرَّحمنِ؟ قال: رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعجِنُ في الصَّلاةِ)،[٤] وقد تفرّد بهذا الحديث يونس بن بكير، وقال عنه أبو داود: "ليس هو عندي بحجة"، وقال النّسائي عنه: "ليس بالقويّ"، "ضعيف".[٥]


وقد علّق ابن الصّلاح على هذا الحديث فقال: "... وعمل به كثيرٌ من عامة العجم، وغيرهم، وهو إثبات شرعية هيئة في الصلاة لا عهد بها بحديثٍ لم يثبت"، ثمّ افترض أنّه لو كان صحيحاً فإنّ معنى العاجن لغةً: الرجل الكبير في السنّ الذي يعتمد على يديه عند القيام، فيكون التشبيه حينها من حيث الاعتماد على اليد عند القيام لا من حيث كيفية ضم الأصابع والاعتماد على ظهورهما.[٦]


كيفية النهوض إلى الصلاة

تعدّدت آراء الفقهاء في الكيفية المسنونة عند النهوض من الركعة إلى الركعة التي تليها، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:[٧]

  • مذهب الحنفية والحنابلة

قالوا يُسنّ عند النّهوض من السجود إلى الركعة التالية أن يرفع المُصلّي يديه قبل رُكبتيه، إلا إذا كان ذلك شاقَّاً عليه فحينها يعتمد على يديْه عندما ينهض، واستدلّوا بما جاء في الأثر عن عبد الرحمن بن يزيد، إذ قال: "رَمقْتُ ابنَ مَسعودٍ فرأيتُهُ يَنهَضُ علَى صدورِ قَدميهِ، ولا يَجلِسُ إذا صلَّى في أوَّلِ رَكْعةٍ حينَ يَقضي السُّجودَ".


وقالوا إن معنى: "ينهض على صدور قدميه"؛ أي لا يعتمد على يديه عندما ينهض من سجوده، كما أنّ الاعتماد على اليدين في القيام يُشبه هيئة نهوض البعير، حيث ينهض برجليْه أولاً مُبقياً يديه على الأرض، وهو ما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-.


  • مذهب المالكية والشافعية

قالوا يُسنّ عند النهوض إلى الركعة التالية أن يعتمد المُصلّي على يديه، واستدلوا على ذلك بما ثبت في صحيح البخاري عندما سأل أيوب أبا قُلابة عن صلاة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: (مِثْلَ صَلَاةِ شيخِنَا هذا -يَعْنِي عَمْرَو بنَ سَلِمَةَ- قَالَ أيُّوبُ: وكانَ ذلكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ، وإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ واعْتَمَدَ علَى الأرْضِ، ثُمَّ قَامَ).[٨]


وقالوا إنّ ذلك أعون للمصلّي حتى لا يقع أو ينقلب للخلف، وهو كذلك أبلغ في التواضع والخشوع،[٧] ولكن يجدر بالذّكر أنّ صفة استحباب النهوض على اليدين عند القيام للركعة التالية عند المالكية والشافعية تكون بأن يعتمد المصلّي على بطن راحته مع بطون أصابعه، دون أن يقبض يده، لأنّ الحديث الذي ورد في القبض ضعيف.[٩]

المراجع

  1. "تعريف ومعنى العجن في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
  2. بكر أبو زيد، لا جديد في أحكام الصلاة، صفحة 47. بتصرّف.
  3. "مسائل في صفة الصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
  4. رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:213، لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم تفرد به يونس بن بكير.
  5. فالح الشبلي، "حديث العجن"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
  6. ابن الصلاح، شرح مشكل الوسيط، صفحة 142، جزء 2.
  7. ^ أ ب "صفة النهوض من السجود للقيام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:824، صحيح.
  9. "حكم العجن عند القيام إلى الركعة التالية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.