يجب على المسلم أن يستر عورته عند أدائه الصلاة، وذلك لاتفاق جمهور الفقهاء بأن ستر العورة من شروط صحة الصلاة، حيث تعدّ صلاته باطلة إذا انكشفت عورته متعمداً في ذلك، وهو قادر على سترها، ووجب عليه إعادة صلاته، وقد قال الله تعالى في كتابه: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)،[١] حيث جاء تفسير الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه لهذه الآية بأن أخذ الزينة يقصد بها الثياب الساترة للعورة في الصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يقبلُ اللَّهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ)،[٢] فالله عزّ وجلّ لا يقبل صلاة المرأة المكلّفة إلا بتغطية رأسها وعورتها، ومما ينبغي الإشارة إليه أن العورة يقصد بها كل ما يحرم كشفه والنظر إليه، ويجب ستره من جسد الرجل والمرأة،[٣][٤] وسنجيب في هذا المقال أقوال الفقهاء في تحديد عورة الرجل في الصلاة، التي يجب عليه سترها.


تحديد عورة الرجل في الصلاة

اتفق جمهور الفقهاء على أن عورة الرجل في الصلاة ما بين السرة والركبة، استدلالاً بالحديث النبوي الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يَنظُرْ إلى ما دونَ السُّرَّةِ وفوقَ الرُّكبةِ؛ فإنَّ ما تحت السُّرَّةِ إلى الرُّكبةِ منَ العَورةِ)،[٥] وفيما يلي تفصيل أقوالهم:[٦]

  • الحنفية: قالوا أن ما بين السرة والركبة من العورة، وأدخلوا الركبة واعتبروها من العورة، واستثنوا السرة فهي ليست من عورة الرجل عندهم.
  • المالكية: قالوا أن العورة قسمان: السوءتان؛ وهما: القبل والخصيتان، مع حلقة الدبر، ويسمى هذا القسم بالعورة المغلظة، وكل ما سوى ذلك ما بين السرة والركبة يسمى بالعورة المخففة.
  • الشافعية والحنابلة: قال الشافعية والحنابلة أن ما بين السرة والركبة من العورة، ولم يُدخلوا الركبة والسرة، حيث لم يعتبروهما من العورة، إلا أنهم قالوا أنه يجب ستر جزء منهما، ليتحقق ستر العورة كاملةً.


حكم ظهور العورة في الصلاة بغير قصد

تعددت آراء الفقهاء في حكم من انكشفت عورته في الصلاة بغير قصد، وبيان أقوالهم كما يلي:[٧][٨]

  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى بطلان الصلاة بانكشاف ربع عضو من أعضاء العورة الواجب سترها مدة بقدر أداء ركن كامل من أركان الصلاة، إما إن كان الانكشاف أقل من ذلك مقداراً ومدةً، فلا تبطل الصلاة، إن كان بغير قصد.
  • المالكية والشافعية: ذهب المالكية والشافعية ببطلان الصلاة إذا ظهر فيها شيء من العورة، سواء كان بقصد أو بغير قصد، وسواء قلّ مقدار الجزء المنكشف أو كثر، حيث قال المالكية ببطلان الصلاة مطلقاً إذا انكشفت العورة المغلظة، وقال الشافعية إذا انكشفت عورة المصلي بغير قصد وقام المصلي بسترها في الحال، لم تبطل صلاته.
  • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى القول بعدم بطلان الصلاة إذا انكشف شيء يسير من العورة بغير قصد، وإن طالت المدة، واليسير عندهم ما لا يفحش النظر إليه في عرف الناس، وكذلك لا تبطل الصلاة إذا انكشف شيء كثير من العورة في مدة قصيرة، وأما إذا انكشف شيء كثير يفحش النظر إليه وطالت المدة، فتبطل الصلاة حينئذ، ولو كان بغير قصد.


المراجع

  1. سورة الأعراف ، آية:31
  2. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:641، صحيح.
  3. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 738. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 43-44. بتصرّف.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن الدارقطن، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:887، حسن.
  6. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 171-172. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 128-129. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 742. بتصرّف.