حثّ الاسلام على الدعاء والإكثار منه حيث قال الله -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)،[١] وذلك لكونه أساس العبادة وروحها، حيث إنّ العبد عندما يتوجه إلى الله -تعالى- ويسأله قضاء حاجته وهو يعلم يقينا أنّ لا أحد يستطيع جلب النفع له ودفع الضر عنه سواه -سبحانه-، فذلك حقيقة التوحيد والإخلاص لله -تعالى- لذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم-: (الدُّعاءُ هو العبادةُ)،[٢][٣][٤] وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الإسلام لم يجعل الدعاء مقيداً بوقتٍ أو حدٍ معينٍ، بل جعله مشروعاً في كل حين، إلّا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد دلّ المسلمين وأوصاهم بالدعاء في أوقات مخصوصة لنيل فضله العظيم، ومن تلك الأوقات الدعاء بين الأذان والإقامة،[٥] وفيما يأتي بيان لفضل الدعاء بين الأذان والإقامة، وما يُقال بعد الآذان.


فضل الدعاء بين الأذان والإقامة

حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على اغتنام الوقت الذي يكون بين الأذان والإقامة؛ لكونه وقتاً لا يردّ فيه الدعاء ويقبله الله -تعالى- وهناك العديد من الأحاديث التي دلّت على ذلك، ومنها ما يأتي:[٦]

  • قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الدُّعاءَ لا يُرَدُّ بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، فادْعوا).[٧]
  • قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثِنتانِ لا تُردَّانِ أو قلَّما يُردَّانِ)،[٨] وذكر إحداهما (الدُّعاءُ عندَ النِّداءِ).[٨]
  • ما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رجُلًا قال : يا رسولَ اللهِ إنَّ المُؤذِّنينَ يفضُلُونَنا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (قُلْ كما يقولونَ فإذا انتهَيْتَ فسَلْ تُعْطَهْ).[٩]


وممّا تجدر الإشارة إليه أمرين:

  • أوّلها: يُفهم من الحديث المشار إليه مسبقاً، وهو قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الدُّعاءَ لا يُرَدُّ بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، فادْعوا).[٧] عدة أمور ومنها ما يأتي:[١٠]
  • أنّ قبول الدعاء وردّه لا يكون إلّا من الله -تعالى-.
  • أنّ الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة من كل صلاة من الصلوات الخمسة.
  • لا فرق في إجابة الدعاء بين الأذان والإقامة بين الرجال والنساء.
  • لا فرق في إجابة الدعاء بين الأذان والإقامة بين المسلم المتوضئ وغيره، وبين المسلم الذي ينتظر الصلاة وغيره.
  • ثانيهما: يعد اشتغال المسلم بالدعاء بين الأذان والإقامة أفضل له من الاشتغال بتلاوة القرآن الكريم، وذلك لأمرين:[١١]
  • أوّلهما: أنّ الدعاء المقيد بوقتٍ معينٍ كالدعاء بين الأذان والإقامة أفضل من الدعاء المطلق.
  • ثانيهما: أنّ المسلم يُمكنه قراءة القرآن في أوقات أخرى، وإن كان يشرع له الجمع بين الدعاء والقراءة ما بين الأذان والإقامة.



ما يُقال بعد الأذان

اتفق العلماء على أنّه يستحب للمسلم بعد سماع الأذان قول ما يأتي:[٦]

  • الصلاة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد دلّ على ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا).[١٢]
  • دعاء الله -تعالى- بالوسيلة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والوسيلة هي المنزلة العالية من الجنة التي لا تنبغي إلا له -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ).[١٣]


المراجع

  1. سورة غافر، آية:60
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن النعمان بن بشير والبراء بن عازب ، الصفحة أو الرقم:3407 ، صحيح.
  3. محمد التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 7. بتصرّف.
  4. "منزلة الدعاء من العبادة"، اسلام ويب، 8-3-2008، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2021. بتصرّف.
  5. محمد التويجري، موسوعة الفقه الاسلامي، صفحة 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "الأَدعيةُ الواردةُ بعدَ الأذانِ"، الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 26-12-2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:12584، صحيح.
  8. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1327 ، حسن.
  9. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1695 ، صحيح.
  10. ابن عثيمين، فتح ذي الجلال والاكرام بشرح بلوغ المرام، صفحة 486. بتصرّف.
  11. ماهر مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 75. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:384 ، صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:614 ، صحيح.