المقصود بالإسرار بالصلاة: أي خفض الصوت بالقراءة فيها، بحيث لا يسمع المصلي إلا نفسه فقط، من غير إسماع الآخرين، والحد الأدنى له بتحريك اللسان فقط، والصلوات التي تؤدى سراً من الفرائض هي: صلاة الظهر وصلاة العصر، ومن النوافل صلاة التطوع في النهار.[١]


لماذا تصلى الظهر والعصر سراً؟

لا يوجد نص ثابت يذكر الحكمة من أداء صلاتي الظهر والعصر سراً، ولكنّ أهل العلم اجتهدوا في بيان الحكمة والعلة من ذلك، ومن تفسيراتهم: [٢][٣]

  • إن المصلي يُسرّ في صلاتي الظهر والعصر وذلك اقتداءً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيسر فيما أسر به من الصلوات، ويجهر فيما جهر به من الصلوات، لقوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"،[٤] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي".[٥]
  • إن المقصود بالإسرار فيهما يعتبر من التعبد لله تعالى بالتزام شرعه، والأصل في المسلم التسليم والالتزام بأوامر الله تعالى من دون تعليق هذا الالتزام بمعرفة الحكمة والعلة للعبادات، إذ أنه لا يشترط إدراك الحكمة لكل عمل يقوم به.
  • إن الوقت الذي تؤدى فيه صلاتي الظهر والعصر هو وقت انشغال الناس بأعمالهم وسعيهم لطلب الرزق، والإسرار بالقراءة فيهما يعين المصلي على تحقيق الخشوع في الصلاة، فعندما يقرأ المصلي بنفسه فإنه يتفكر في الآيات ويتدبرها، فلا ينشغل بغيرها من الشواغل.


حُكم الجهر والإسرار

للعلماء في حكم الجهر والإسرار في الصلاة بالنسبة للإمام والمنفرد تفصيل بيانه آتياً:


حكم الجهر والإسرار للإمام

اختلف الفقهاء في حكم الجهر والإسرار بالنسبة للإمام، وبيان أقوالهم كالآتي:[٦]

  • الجمهور: ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يسن للإمام الجهر في الصلوات الجهرية والإسرار في الصلوات السرية.
  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى أنه يجب على الإمام الجهر في الصلوات الجهرية والإسرار في الصلوات السرية.


حكم الجهر والإسرار للمنفرد

اختلف أهل العلم في حكم الجهر والإسرار في الصلاة للمنفرد، وبيان أقوالهم كالآتي:[٧]

  • الحنفية والحنابلة: ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنّ المنفرد مُخير بين الجهر والإسرار في الصلاة الجهرية، وقال الحنفية بوجوب الإسرار له في الصلوات السرية.
  • المالكية والشافعية: اتفق المالكية والشافعية على أنه يسن للمنفرد الجهر في الصلاة الجهرية والإسرار في الصلاة السرية.


حكم الجهر بالقراءة في الصلاة السرية

أجاز العلماء الجهر في الصلاة السرية ولكن مع الكراهة وقالوا هو خلاف السنة،[٨] ولكنهم اختلفوا في وجوب سجود السهو لمن ترك الإسرار في الصلاة السرية إلى قولين:[٧]

  • الحنفية والمالكية: قالوا في حال جهر المنفرد في الصلاة السرية كصلاة الظهر مثلاً، فيلزمه السجود للسهو، والمالكية لم يعتبروه تاركاً للواجب كالحنفية.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا في حال جهر المنفرد في الصلاة السرية فإنه لا يلزمه السجود للسهو، لأن الجهر والإسرار في الصلاة سنة.

ومن الجدير بالذكر أنه يُباح للمصلي الذي يخشى كثرة الوسوسة رفع صوته بالصلاة السرية حتى يحقق الخشوع في الصلاة.[٩]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 169-170. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1038. بتصرّف.
  3. "حكمة الجهر والإسرار في الصلوات"، إسلام ويب، 19/6/2011، اطّلع عليه بتاريخ 4/12/2021. بتصرّف.
  4. سورة الأحزاب، آية:21
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث ، الصفحة أو الرقم:6008 .
  6. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 237. بتصرّف.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 6886. بتصرّف.
  8. عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز، صفحة 123. بتصرّف.
  9. عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، صفحة 128. بتصرّف.