سجود السهو

يعرف السهو في اللغة هو الخطأ والنسيان والغفلة، وأما سجود السهو فهو السجود الذي يؤديه المصلي في آخر صلاته قبل السلام أو بعده، لجبر وإصلاح الخلل الذي حصل في الصلاة، وهو عبارة عن سجدتين يشرع أداؤهما في صلاة الفريضة وصلاة النافلة، واتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على مشروعية سجود السهو في الصلاة، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَامَ في صَلَاةِ الظُّهْرِ وعليه جُلُوسٌ، فَلَمَّا أتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ يُكَبِّرُ في كُلِّ سَجْدَةٍ وهو جَالِسٌ، قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، وسَجَدَهُما النَّاسُ معهُ، مَكانَ ما نَسِيَ مِنَ الجُلُوسِ).[١][٢]


ما أسباب سجود السهو؟

يشرع سجود السهو في الصلاة عند حصول واحد من هذه الأسباب الثلاثة، وبيانها كما يأتي:[٣][٤]

  • الشك في الصلاة: فإذا تردد المصلي في صلاته، ولم يعرف أصلّى أربع ركعات أو ثلاث، أو تردد في سجوده أسجد واحدة أم اثنتين، فقد تعددت آراء الفقهاء في هذه الحالة، وبيان ذلك كما يأتي:
  • ذهب المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة أن عليه أن يتم صلاته بناء على ما تيقن وهو الأقل، ثم يأتي بما شك به، ويسجد للسهو، فإن شك مثلاً في عدد ركعاته لصلاة الظهر هل صلى ثلاث أو أربع ركعات، يبني على أنه صلى ثلاث ويأتي بركعة رابعة، ويسجد للسهو في آخر الصلاة، استدلالاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سَها أحدُكُم في صلاتِهِ فلم يَدْرِ واحدةً صلَّى أو اثنتَينِ ؟ فليبنِ علَى واحِدةٍ فإن لم يَدرِ ثِنتينِ صلَّى أو ثلاثًا فليبنِ علَى ثنتينِ فإن لم يَدرِ ثلاثًا صلَّى أو أربعًا ؟ فليَبنِ علَى ثَلاثٍ ، وليَسجُدْ سَجدَتينِ قبلَ أن يسلِّمَ).[٥]
  • ذهب الحنفية أن عليه أن يتم صلاته بناء على غلبة ظنه وما تيقن منه في نفسه، فإن تيقن أو غلب على ظنه أنه صلى ثلاث بنى صلاته على ذلك وأتى بالرابعة، وإن تيقن أو غلب على ظنه أنه صلى أربع ركعات بنى صلاته على ذلك ولا يأتي بركعة أخرى، ويسجد للسهو في آخر الصلاة، استدلالاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه فليتحرَّ الصَّوابَ ثمَّ ليُسلِّمْ ثمَّ ليسجُدْ سجدتَيْنِ).[٦]
  • ذهب الحنابلة في رواية عندهم بالتفريق بين المنفرد والإمام، فإن شك المنفرد يتم صلاته على ما تيقن في نفسه، وأما إن شك الإمام في صلاته فعلى المصلين خلفه تذكيره وتنبيهه إن أخطأ.
  • الزيادة في الصلاة: الزيادة في الصلاة على نوعين، وهما كما يأتي:
  • الزيادة في الأفعال: فإن زاد المصلي ركوعاً أو سجوداً، أو قام في محل القعود أو سجد في محل الركوع، أو زاد ركعة ولم يعلم إلا بعد الانتهاء منها، وغير ذلك من الزيادة في أفعال الصلاة، وفعل ذلك سهواً، فإن عليه أن يسجد سجدتي السهو، أما إن تذكر أنه زاد ركعة وهو في أثنائها فإنه يجلس في الحال ويتشهد إن لم يكن قد تشهد، ويسجد للسهو.
  • الزيادة في الأقوال: وهو على ثلاثة أحوال، وبيانها كالآتي:
  • أن يأتي بكلام مشروع من جنس الصلاة في غير محله، كأن يقرأ الفاتحة في الركوع، أو يتشهد في القيام، وفعل ذلك سهواً فإنه يستحب له سجود السهو.
  • أن يسلم قبل تمام الصلاة، فإن فعل ذلك عمداً بطلت الصلاة، وإن فعله سهواً وتذكر فوراً فإنه يتم صلاته ويسجد للسهو.
  • أن يأتي بكلام ليس من جنس الصلاة، فإن فعله عمداً بطلت الصلاة، وإن فعله سهواً، ففيها قولان، ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان الصلاة، وذهب آخرون بعدم بطلانها.
  • النقص في الصلاة: النقص في الصلاة يتفرع إلى ثلاث حالات، وبيانها كما يأتي:
  • نقص ركن من أركان الصلاة: فإن ترك المصلي ركناً من أركان الصلاة، كالسجود والركوع والقيام، فإن فعل ذلك عمداً بطلت صلاته، وإن كان سهواً، فإن كان الركن تكبيرة الإحرام بطلت الصلاة ولم تنعقد، وإن كان الركن غير تكبيرة الإحرام، ففيها ثلاث حالات، وهي:
  • أن يذكر أنه ترك ركن قبل أن يصل إلى محله فإنه يرجع ويأتي به ويتم صلاته، كأن يكون قد نسي السجدة الثانية من الركعة الأولى وتذكرها وهو في ركوع الركعة الثانية، فيرجع ويأتي بها.
  • أن يذكر أنه ترك ركن بعد أن يصل إلى محله، فإنه يلغي الركعة التي وقع نقص الركن فيها، ويجعل الركعة التي هو فيها عوضاً عنها ويتم صلاته.
  • أن يذكره أنه ترك ركن بعد أن يسلم من صلاته، فإنه يأتي بالركن الناقص وما بعده.
  • نقص واجب من واجبات الصلاة: فإن ترك المصلي واجباً من واجبات الصلاة، كالتكبيرات الانتقالية بين أفعال الصلاة، أو تسبيح الركوع والسجود، فإن فعل ذلك عمداً بطلت الصلاة، وإن فعله سهواً، ففيه حالتان، وهي:
  • أن يذكره قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه، فعليه أن يرجع ويأتي به.
  • أن يذكره بعد أن يصل إلى الركن الذي يليه، فلا يرجع، ويسجد للسهو.
  • نقص سنة من سنن الصلاة: فإن ترك المصلي سنة من سنن الصلاة، فلا تبطل الصلاة عمداً كان أو سهواً، ولا يترتب عليه سجود السهو.


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مالك بن بحينة، الصفحة أو الرقم:570، صحيح.
  2. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 459. بتصرّف.
  3. "سجود السهو: تعريفه وأسبابه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/7/2021. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 235-236. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:398، صحيح.
  6. رواه اببن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2659، أخرجه في صحيحه.