ما هو وقت صلاة التراويح؟

مسألة وقت صلاة التراويح تناولها أهل العلم على اعتبار تعلّق مشروعيتها بدخول شهر رمضان، إضافة لما ينشأ عن ذلك من أحكام، وبيان ذلك فيما يأتي:

ارتباط صلاة التراويح بدخول شهر رمضان

الثابت شرعاً أنّ صلاة التّراويح سنّة خاصة بدخول شهر رمضان، وعليه تبدأ صلاتها بتحقّق دخول أوّل ليلة من ليالي رمضان، وهي الليلة التي يتأكّد فيها رؤية هلال شهر رمضان، وهي الليلة التي تكون صبيحتها اليوم الأول من شهر رمضان.[١]


وقد بيّن أهل العلم أنّ الأحكام الشرعية المرتبطة برؤية الهلال يكون ابتداؤها من الليل؛ فالهلال أوّل ما يظهر ليلاً؛ لذا يشرع بدء صلاة التّراويح من ليلة ظهور هلال شهر رمضان، على اعتبار أنّ أوّل ليلة من رمضان جزء منه، وتأكيداً على هذا الفهم استدلّ أهل العلم بما جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كان أوَّلُ لَيلةٍ من رَمَضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ، ...)،[٢] وهذا يدلّ على أنّ بداية الشّهر يكون من أوّل الليل.[٣]


وقت صلاة التراويح في رمضان

جمهور الفقهاء على أنّ وقت صلاة التراويح يبدأ من بعد صلاة العشاء وقبل الوتر، ويمتدّ إلى طلوع الفجر؛ وهذا ما نقله الخلف عن السّلف، وهذا هو فعل الصحابة الكرام، ولأنّها سنة تابعة لصلاة العشاء؛ فكان وقتها قبل الوتر.


وبناءً على ما سبق ذهب جمهور العلماء إلى أنّ المسلم لو صلّاها بعد المغرب قبل العشاء؛ فإنّها لا تجزئه عن التّراويح، وعند المالكية تكون نافلة، وذهب بعض الفقهاء كالحنابلة إلى أنّ الأوْلى أنْ تُصلّى بعد العشاء وسنّتها،[٤] كما ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ المسلم لو صلّاها بعد الوتر فإنّها تُجزئه، ولكنّ الأوْلى أن تكون قبلها، وذهب المالكية إلى كراهة صلاتها بعد الوتر.[٥]


وقت استحباب صلاة التراويح

يرى الحنفية والشافعية إلى استحباب تأخير صلاة التراويح بعد مضيّ ثلث الليل أو نصفه، بينما ذهب الحنابلة إلى أنّ وقت استحباب صلاتها يكون أوّل الليل؛ عملاً بفعل الصحابة الكرام في عهد عمر -رضي الله عنه-، وعندما سُئِل الإمام أحمد عمّن يؤخّر التّراويح إلى آخر الليل، قال: سنّة المسلمين أحبّ إليّ.[٤]


الجماعة في صلاة التراويح

بيّن الفقهاء حكم صلاة التراويح جماعة، واستدلّوا بأدلة عدّة، وبيان ذلك فيما يأتي:[٦]

  • حكم صلاة التراويح جماعة

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ الجماعة في التّراويح سنّة عينية، بمعنى أنّه لو صلى الرّجل في بيته صلاة التراويح؛ فإنّه يسنّ له أنْ يصليها في جماعة، ويفوته ثواب صلاة الجماعة لو صلّاها بمفرده، أمّا الحنفية فقالوا الجماعة فيها سنة كفاية لأهل الحيّ، والمالكية قالوا: الجماعة فيها مندوبة.


  • أدلة استحباب صلاة التراويح جماعة

استدلّ أهل العلم على كونها سنّة في جماعة بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد صحّ عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، خَرَجَ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بذلكَ، فَاجْتَمع أَكْثَرُ منهمْ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- في اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذلكَ، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أَهْلِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَطَفِقَ رِجَالٌ منهمْ يقولونَ: الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الفَجْرِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ علَى النَّاسِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، فَقالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا).[٧]


وهذا الحديث دليل على أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سنّ لهم الجماعة التراويح، والجماعة فيها، وقد ثبت أنّ عمر -رضي الله عنه- جمع الناس أخيراً على صلاتها جماعة في المسجد، ووافقه الصحابة الكرام على ذلك، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (... عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ ...).[٨]

المراجع

  1. فريق الموقع، "صلاة التراويح ليلة الشك"، الإسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 7/4/2023. بتصرّف.
  2. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1552، صحيح على شرط الشيخين.
  3. أبو بكر الرازي الجصاص (1994)، أحكام القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 493، جزء 3. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 145-146، جزء 27. بتصرّف.
  5. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 310، جزء 1. بتصرّف.
  6. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 309، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:761 ، صحيح.
  8. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالرحمن بن عمرو، الصفحة أو الرقم:4607 ، صحيح.