وقت صلاة التوبة

يُسنّ أداء صلاة التوبة عند عزم العبد على التوبة من ذنبه، سواءً صلّاها بعد فعل المعصية مباشرةً أو أخّرها عنها، وينبغي على المسلم المبادرة إلى التوبة من ذنوبه، لكن إنْ أخّر ذلك وصلّى هذه الصلاة عند توبته قُبِلت بإذن الله، لأنّ باب التوبة لا يُغلق إلا في حالاتٍ محدودة، وهي:[١]

  • عند حضور الموت وبلوغ الروح إلى الحلقوم واليأس من الحياة، فقد قال الله -سبحانه-: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ).[٢]


  • عند طلوع الشمس من مغربها، لقول الله -تعالى-: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)،[٣] وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ المقصود بذلك طلوع الشمس من مغربها، فمَن تاب قبلها توبة نصوحة قُبِلت توبته، أمّا التوبة أو الإيمان بعدها فلا ينفع.


وقد تعدّدت آراء العلماء في وقت أداء صلاة التوبة من حيث مشروعيّتها قبل التوبة أو بعدها، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:[١]

  • قيل: تُشرع صلاة التوبة قبل أن يتوب العبد لا بعد ذلك.
  • قيل: صلاة التوبة تؤدّى بعد التوبة.
  • قيل: يجوز صلاتها قبل التوبة ويجوز بعدها.


ويرى الكثير من العلماء جواز صلاة التوبة في أوقات النهي عن الصلاة كذلك؛ لأنّها صلاةٌ ذات سبب، فشُرِعت عند وجود سببها ولو وافق ذلك وقت نهي،[١] وقيل: وقتها كوقت النوافل المُطْلقة، فتُصلّى في جميع الأوقات عدا أوقات النهي، لكنّ أكثر أهل العلم على القول السابق.[٤]


مشروعية صلاة التوبة وسببها

صلاة التوبة سُنَّةٌ مُستحبّة،[٥] وقد أجمع أهل العلم على مشروعيّتها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ، ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ، ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ...)، إلى آخرِ الآيةِ).[٦][٧]


أمّا سبب صلاة التوبة فهو ارتكاب المسلم لذنبٍ أو معصيةٍ، سواء كانت صغيرةً أم كبيرة، فيجب عليه أن يُبادر إلى التوبة والرجوع إلى الله -سبحانه-، ويُسنّ أن يؤدّي صلاة التوبة لحديث النبي الكريم السابق، ولأنّها عملٌ صالحٌ يتقرّب به العبد إلى الله -تعالى- بعد ذنبه، ويدعو فيها الله أن يغفر له ذنبه.[٧]


صفة صلاة التوبة

صلاة التوبة ركعتان، وهي من النوافل التي تُشرع على انفراد لا جماعة، ويُسنّ بعد أدائها أن يُكثر العبد من الاستغفار، بدليل حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي سبق ذكره، ويقرأ المسلم فيهما ما تيسّر من القرآن الكريم، إذْ لم يرِدْ عن النبي الكريم أنّه خصّص هاتين الركعتين بقراءة سور معيّنة.[٨]


ويُستحبّ للتّائب بعد أداء هاتين الركعتين أن يجتهد في التقرّب إلى الله -تعالى- بعمل الطاعات والصالحات، فقد قال الله -سبحانه-: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى)،[٩] ومن هذه الطاعات الصدقة، فلها أثرٌ عظيمٌ في تكفير الذنوب والسيئات، لقوله -تعالى-: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ).[١٠][٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ت عبد الله الجبرين، صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، صفحة 165-168. بتصرّف.
  2. سورة النساء، آية:18
  3. سورة الأنعام، آية:158
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8716، جزء 11. بتصرّف.
  5. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 697، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1521، صححه الألباني.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 298-300، جزء 37. بتصرّف.
  8. ^ أ ب "صلاة التوبة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 10/7/2023. بتصرّف.
  9. سورة طه، آية:82
  10. سورة البقرة، آية:271