حكم الصلاة على الكرسي في صلاة الجماعة
القيام للقادر عليه ركنٌ من أركان الصلاة، لقول الله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَهِ قَانِتِينَ)،[١] فمَن صلّى الفريضة جالساً وهو قادرٌ على القيام بطلت صلاته، أمّا المريض فإذا كان لا يستطيع القيام فإنّه يُصلّي جالساً، ويركع ويسجد بحسب قدرته، فإنْ كان لا يستطيع الركوع والسجود أومأ بهما، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، ويدلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).[٢][٣]
ومَن كان قادراً على القيام، ولكنّه عاجزٌ عن الركوع والسجود فلا يجوز له الجلوس في موطن القيام في صلاة الفريضة، فالقيام في هذه الحالة لا يسقط عنه، ومن الأدلة الثابتة على جواز الصلاة بهيئة الجلوس للعاجز عن القيام ما ثبت عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، حيث قال: (كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).[٤][٣]
وبناءً على ذلك فالصلاة على الكرسي في صلاة الفريضة لا تجوز إلا للمريض الذي لا يقدر على القيام، أمّا الصلاة على الكرسي في صلاة النّافلة فجائزةٌ ومشروعةٌ وإنْ كان الأوْلى والأكمل للقادر على القيام أن يُصلّيها قائماً، وقد ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فَإِذَا أرَادَ الفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ).[٥][٦]
موضع الصلاة على الكرسي في صلاة الجماعة
إنّ العبرة في مكان المُصلّي على الكرسيّ في صلاة الجماعة في الصفّ أن يُساوي المُصلّين بمقعدته؛ أي مكان جلوسه، لأنّه الموضع الذي يستقرّ عليه في صلاته، فلا يجوز أن يتقدّم أو يتأخّر عن الصفّ بمقعدته، فقد قال بعض أهل العلم: "وَالاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ لِلْقَائِمِ بِالْعَقِبِ، وَهُوَ مُؤْخِرُ الْقَدَمِ لا الْكَعْبِ،.. وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقَدُّمِ بِالأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِينَ، وَبِالْجَنْبِ لِلْمُضْطَجِعِينَ"، وهذا يعني أنّ المصلّي إذا كان سيجلس على الكرسيّ طيلة وقت الصلاة لعدم قدرته على القيام فإنه يُحاذي الصفّ بموضع جلوسه.[٧]
أمّا إذا كان يُصلّي قائماً ولكنّه يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود فقط فيرى بعض أهل العلم أنّ العبرة حينها بالقيام، فتكون محاذاته للمصلّين في الصفّ بعقبه؛ أي مؤخّر قدمه، وفي هذه الحالة سيكون الكرسي خلف الصف، مع أهمية الانتباه إلى عدم إيذاء المصلّين خلفه، بحيث يختار المصلّي مكاناً يضمن معه عدم إيذاء مَن خلفه بسبب الكرسي.[٧]
ويرى فريقٌ آخر من أهل العلم أنّ المصلّي الذي يقدر على القيام ولكن لا يستطيع الركوع والسجود أنّ الأولى به أن يجلس على الأرض على هيئة المتربّع إن كان قادراً على ذلك دون مشقَّةٍ وضرر، ويومئ بالركوع والسجود، حتى يُحافظ على التناسق في الصف، ويُحاذي المصلّين حينها بعقبه، وبذلك يُحصّل مصلحة القيام والجلوس دون الإخلال في نظام الصف.[٨]
وعبّر بعض أهل العلم أيضاً عن موطن محاذاة الجالس على الكرسي لمن حوله في الصفّ بالمنكب؛ أي الكتف، فيجب على الجالس على الكرسي في معظم الصلاة أن يُحاذي المصلّين في الصفّ بكتفه لا قدمه، وبناءً على ذلك يدخل معظم الكرسي في الصفّ الأمامي، ويدلّ على ذلك أنّ النبي الكريم كان يوصي أصحابه في الصلاة بمساواة الصفوف بالمناكب.[٨]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:238
- ↑ سورة البقرة، آية:286
- ^ أ ب حسام عفانة، فتاوى د. حسام عفانة، صفحة 42، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:1117، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:400، صحيح.
- ↑ محمود عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 100، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 762، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب "أين يوضع الكرسي في الصف أثناء صلاة الجماعة؟"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 26/6/2023. بتصرّف.