حكم الضحك في الصلاة

إنّ الضّحك الذي يصدر معه صوتٌ -أي القهقهة- من مبطلات الصلاة، لأنّ فيه استخفافاً بعبادة الصلاة وهو أفحش من الكلام، ودلّت العديد من الآثار عن الصحابة -رضوان الله عليهم- على بطلان الصلاة بسبب القهقهة فيها، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، أمّا التبسّم فلا يُبطلها، ولكنّه يُكره إذا كان بدون عذر.[١]


وقد قال ابن المنذر عن الضحك الذي يصدر معه صوت في الصلاة: "وأجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة"،[٢] والفرق بين الضحك والتبسّم أنّ التبسّم لا يصدر معه صوت، أمّا الضحك فيكون مصحوباً بالصوت، أو ينتظم منه حرفان بحسب تقدير أكثر أهل العلم.[٣]


ضابط الضحك الذي يبطل الصلاة

تعدّدت آراء الفقهاء في وصف وضابط الضحك الذي يُبطل الصلاة، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:

  • الحنفية

قالوا إنّ القهقهة والضحك يُبطلان الصلاة، والقهقهة هي ما كان صوتها مسموعاً لمن في جانب المُصلّي، حتى وإنْ لم تظهر أسنانه، أمّا الضحك فهو ما كان مسموعاً له فقط، وكلاهما يُبطلان الصلاة.


  • المالكية

قالوا إنّ الضحك يُبطل الصلاة، وهو ما يصدر معه صوت، سواءً قلّ أو كثُر، وسواءً كان متعمَّداً أو غلبةً، كمن تعمّد النظر أو الاستماع إلى ما يُضحك ثمّ غلبه الضحك بسبب ذلك.


  • الشافعية

قالوا إنّ الضحك الذي يُبطل الصلاة هو ما ظهر منه حرفان فأكثر، أمّا إذا لم ينتظم منه حرفان فلا يُبطل الصلاة،[٤] ومعنى ظهور أو انتظام حرفين بسبب الضحك: النطق بحرفين من أحرف الهجاء، مثل حرفيّ الهاء وألف المد "ها".[٥]


حكم من كان الضحك يغلب على طبعه

إذا كان الضحك يغلب على طبع الشّخص ولا يستطيع ردّه فهو في هذه الحالة معذور، وينطبق عليه عند الفقهاء حكم مَن ابتُلي بسلس البول، فلا تبطل صلاته، لأنّ الضحك يغلبه بطبعه، ولأنّ هذا الأمر خارجٌ عن إرادته، ومَن كان الضحك يعتريه أغلب الوقت فيُصلّي ولا شيء عليه طالما كان غير قادرٍ على ردّه.[٦]


ولكن ينبغي على المرء الذي يُعاني من ذلك أن يأخذ بالأسباب؛ فيجتهد في معالجة الأمر بالتدبّر والتفكّر فيما يقرأ، ويستشعر أنّه بين يدي الجليل -سبحانه-، ولا بأس أن يذهب إلى الطبيب المختصّ في علاج ذلك، بل هو الأفضل حتى يأخذ بالأسباب، ومن أقوال أهل العلم في حكم صلاة مَن ابتلي بالضحك الكثير بغير إرادته ما يأتي:[٦]


  • قال النفراوي المالكي -رحمه الله-: "يظهر صحة صلاة من به سلس القهقهة كلما دخل في الصلاة ولا يستطيع تركها بوجه، كما قالوه في معتاد سلس الحدث كلما توضأ".


  • قال ابن عثيمين -رحمه الله-: "... وإن قهقه مغلوبا على أمره؛ فإن بعض الناس إذا سمع ما يعجبه لم يملك نفسه من القهقهة، فقهقه بغير اختياره، فإن صلاته -على القول الراجح- لا تبطل، كما لو سقط عليه شيء فقال بغير إرادة منه: أخ، فإن صلاته لا تبطل أيضاً؛ لأنه لم يتعمد المفسد".

المراجع

  1. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 363، جزء 1. بتصرّف.
  2. سعيد القحطاني، أركان الصلاة، صفحة 39-40.
  3. "الضحك الذي يبطل الصلاة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/6/2023. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 124، جزء 27. بتصرّف.
  5. "صفة الضحك الذي يبطل الصلاة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/6/2023. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "يعاني من كثرة الضحك في الصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/6/2023. بتصرّف.