كم عدد صفوف صلاة الجنازة
يُستحبّ أن يكون عدد صفوف صلاة الجنازة ثلاثة فصاعداً، فالأفضل أن لا تقتصر على ثلاثة صفوف، ولكن لو اقتصرت على صفٍّ واحدٍ صحّت الصلاة، وهو أمرٌ جائز، والقول بوجود ثلاثة صفوفٍ على الأقل هو الأفضل.[١]
ويدلّ على ذلك ما أخرجه الترمذي في سننه من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صلَّى عليه ثلاثةُ صفوفٍ فقد أَوَجَبَ)،[٢] وما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى علَى أصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فَصَفَّنَا ورَاءَهُ فَكُنْتُ في الصَّفِّ الثَّانِي أوِ الثَّالِثِ).[٣]
وبناءً على ذلك قال أهل العلم باستحباب تقسيم الصفوف في الصلاة على الميت إلى ثلاثةٍ إذا كان عدد المصلّين قليلاً،[٤] وقال الإمام البخاري في صحيحه: "باب الصفوف على الجنازة"، فعقّب ابن حجر -رحمه الله- على هذه الترجمة وقال: "... وأشار المصنف بصيغة الجمع إلى ما ورد في استحباب ثلاثة صفوف".[٥]
وقال الطبري -رحمه الله-: "ينبغي لأهل الميت إذا لم يخشوا عليه التغير أن ينتظروا به اجتماع قوم يقوم منهم ثلاثة صفوف لهذا الحديث"، وقال الشوكاني -رحمه الله-: "أقلّ ما يسمى صفَّاً رجلان، ولا حدّ لأكثره"،[٥] ومثال على ذلك: لو كان وراء الإمام ستّة أشخاص فإنه يجعلهم ثلاثة صفوفٍ في كلِّ صفٍّ شخصين، وسُئل الإمام أحمد: "إن كان وراءه أربعة كيف يجعلهم؟ فقال: يجعلهم صفّين"، لكراهة بقاء واحدٍ في الصف.[٦]
ولا بأس حينها أن يكون عن يمين الصفوف الثلاثة وشمالها فراغٌ من الجَنْبَيْن، وهذا الأمر خاصٌّ في صلاة الجنازة،[٦] أمّا ما زاد عن الثلاثة صفوف المقسّمة فالأَوْلى أن يتمّ حينها إتمام الصفوف الأولى كباقي الصلوات ثمّ البناء عليها، فلا يُحدث المصلّون صفَّاً رابعاً قبل إتمام الصفوف الأُولى.[٧]
هل صفوف صلاة الجنازة متساوية في الفضل؟
تعدّدت آراء أهل العلم في الصف الأفضل من صفوف صلاة الجنازة؛ هل هو الصف الأول أم أنّ الصفوف الثلاثة الأولى متساويةٌ في الفضل؟ فذهب العديد منهم إلى القول بتساوي الفضل في الصفوف الثلاثة الأولى، وقال بذلك أيضاً جماعةٌ من الشافعية.[٨]
قال ابن حجر الهيتمي: "وَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ صُفُوفَ الْجِنَازَةِ الثَّلَاثَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ مُتَسَاوِيَة فِي الْفَضْلِ؛ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَيَفُوتَ عَلَى الْمَيِّتِ فَضِيلَةُ جَعْلِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ"،[٩] وقال في موضعٍ آخر: "... إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ، فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلُ لِأَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقْدِيمِ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ...".[١٠]
حكم شهود صلاة الجنازة وفضله
يُستحبّ للمسلم أن يشهد صلاة الجنازة ويبقى حتى يتم تشييعها ودفن أخيه المسلم، بل هذا حقٌّ من حقوق المسلم المتوفّى على أخيه المسلم، فقد ثبت عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه قال: (أَمَرَنَا بعِيَادَةِ المَرِيضِ، واتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وإبْرَارِ القَسَمِ، ونَصْرِ المَظْلُومِ، وإفْشَاءِ السَّلَامِ، وإجَابَةِ الدَّاعِي).[١١][١٢]
أمّا فضل شهود صلاة الجنازة فقد ثبت في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن شَهِدَ الجَنازَةَ حتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيراطٌ، ومَن شَهِدَ حتَّى تُدْفَنَ كانَ له قِيراطانِ، قيلَ: وما القِيراطانِ؟ قالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ).[١٣]
المراجع
- ↑ "هل يستحب في صلاة الجنازة تكثير الصفوف ولو كثر المصلون ووسعهم الصف الأول؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/9/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن مالك بن هبيرة السكوني، الصفحة أو الرقم:1028، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3878، صحيح.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 7، جزء 90. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد القحطاني، أحكام الجنائز، صفحة 256-257. بتصرّف.
- ^ أ ب "الأولى أن تجعل الصفوف في صلاة الجنازة ثلاثة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/9/2023. بتصرّف.
- ↑ "الصفوف في صلاة الجنازة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/9/2023. بتصرّف.
- ↑ "استحباب جعل صفوف الجنازة ثلاثة وهل هي متساوية في الفضل؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/9/2023. بتصرّف.
- ↑ ابن حجر الهيتمي، الفتاوى الفقهية الكبرى، صفحة 213، جزء 1.
- ↑ ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي، صفحة 191، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:5175، صحيح.
- ↑ حسام الدين عفانة، صلاة الغائب، صفحة 12-13. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1325، صحيح.