قصر الصلاة
قصر الصلاة هو أن يقوم المسلم بتأدية الصلوات الرباعية ركعتين في أثناء السفر، بحيث تُقصر صلاة الظهر والعصر والعشاء فقط، وممّا دلّ على مشروعيته قول الله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)،[١][٢] والضرب في الأرض هو السفر، ويعدّ قصر الصلاة من أحكام السفر الذي يعدّ من أسباب التخفيف والتيسير في الشريعة الإسلامية التي امتازت برفع الحرج والمشقة عن المكلّفين حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)،[٣] وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الله -تعالى- قد خصّ الشريعة الإسلامية بذلك لكونها آخر الشرائع السماوية؛ فكان لا بدّ أن تكون قادرة على مواكبة التغيّرات التي قد تطرأ على حياة العباد.[٤][٥]
كم مدة القصر للمسافر؟
تعددت آراء العلماء في مقدار المدة الزمنية التي يحقّ للمسافر قصر الصلاة فيها ما لم ينو الإقامة، كما يأتي:[٦]
القول الأول: الحنفية
قالوا أنّ المدة الزمنية التي يشرع فيها قصر الصلاة للمسافر ما لم ينو الإقامة خمسة عشر يوماً، فإذا نوى الإقامة في مكان سفره أكثر من ذلك فإنّه يعدّ مقيماً ولزمه الإتمام، وقد استدلوا على ذلك بالقياس على مدة الطهر من الحيض للمرأة، فكما أنّ مدة الحيض قدّرت بخمسة عشر يوماً ثمّ يُعاد للأصل وهو الطهر، وكذلك أقصى مدة للسفر خمسة عشر يوماً ثمّ يُعاد للأصل وهو الإقامة، وقد ثبت ذلك عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أمّا في حال كان المسافر ينتظر قضاء حاجة معينة ومتأهباً للرجوع إلى بلده في أي لحظة جاز له القصر، وإن طالت المدة سنين ما لم ينو الإقامة، وقد استدلوا على ذلك بفعل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- الذي أقام بأذربيجان ستة أشهر وظلّ يقصر الصلاة.
القول الثاني: المالكية والشافعية
قالوا أنّ المدة الزمنية التي يشرع فيها قصر الصلاة للمسافر ما لم ينو الإقامة ثلاثة أيام، وذلك عدا يوم الدخول الذي يقوم به المسافر بترتيب أمتعته، وعدا يوم الخروج الذي يقوم به بالتجهيز للرحيل وهما من أشغال السفر، فإذا نوى الإقامة في مكان سفره أكثر من ذلك لزمه الإتمام، وقد استدلوا على ذلك بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُقِيمُ المُهَاجِرُ بمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا)،[٧] أمّا في حال كان المسافر ينتظر قضاء حاجة معينة ومتأهباً للرجوع إلى بلده في أي لحظة جاز له القصر، وإن طالت المدة سنين ما لم ينو الإقامة عند المالكية، وعند الشافعية يظل يقصر الصلاة ثماني عشر يوماً.
القول الثالث: الحنابلة
قالوا أنّ المدة الزمنية التي يشرع فيها قصر الصلاة للمسافر ما لم ينو الإقامة أربعة أيام مع يومي الدخول والخروج، فإذا نوى الإقامة أكثر من ذلك لزمه الإتمام، وقد استدلوا على ذلك بما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مَكَّةَ صبيحةَ رابعةٍ مضت من ذي الحجَّةِ)،[٨] حيث قصر رسول الله صلاته وهو في مكة أيام الرابع والخامس والسادس والسابع من ذي الحجة، ثمّ خرج إلى منى في اليوم الثامن، أمّا في حال كان المسافر ينتظر قضاء حاجة معينة ومتأهباً للرجوع إلى بلده في أي لحظة جاز له القصر، وإن طالت المدة سنين ما لم ينو الإقامة.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:101
- ↑ مجموعة مؤلفين، موسوعة المفاهيم الاسلامية العامة، صفحة 403. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية:78
- ↑ مرضي العنزي (19-8-2017)، "رفع الحرج في الشريعة الإسلامية"، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2021. بتصرّف.
- ↑ سمير الحراسيس (3-6-2010)، "رفع الحرج والتيسير في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتطبيقاته "، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2021. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته، صفحة 1347-1349. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن العلاء بن الحضرمي، الصفحة أو الرقم:1352 ، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2872 ، صحيح.