حكم التّثاؤب في الصلاة

تناول أهل العلم حكم التّثاؤب في الصلاة، وهل له أثر على صحة الصلاة أم لا؟ وذلك من باب الحرص على سلامة العبادة وقبولها عند الله -عزّ وجلّ-، وفيما يأتي توضيح للأمور والأحكام المتعلّقة بمسألة التّثاؤب في الصلاة:[١]


  • يرى الحنفية أنّ التثاؤب مكروه،[٢] لكن لا تبطُل به الصلاة؛ شريطة أنْ لا يتكلّف المصلّي بإخراج حروف زائدة أثناء التثاؤب على ما تقتضيه الطبيعة، ومثال ذلك أنْ يقول في تثاؤبه: هاه هاه، أو يزيد المتثائب حروفاً لا يضطّره إليها التثاؤب، فإنْ حصل ذلك عمداً بطلت الصلاة.


  • يرى الشافعية أنّ حكم التثاؤب في الصلاة مكروه[٢] كحكم الأنين والتّنحنح والتأوّه، بحيث إذا غلبتْ على المصلي، ولم يستطع منعها عُفي عن قليلها، ولكنْ إنْ تمكّن من ردّها ولم يفعل بطلتْ صلاته.


  • يرى المالكية والحنابلة أنّ الصلاة لا تبطل بالتثاؤب، وحكمها كحكم العطاس والسّعال والجشاء، حتى لو كانتْ قد اشتملت على بعض الحروف للضّرورة.


حديث التثاؤب من الشيطان

صحّ في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (التَّثاؤُبُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطاعَ، فإنَّ أحَدَكُمْ إذا قالَ: ها، ضَحِكَ الشَّيْطانُ)،[٣] ولنا مع هذا الحديث وقفات:[٤]

  • ذكر النبي الكريم أنّ التثاؤب من الشيطان؛ لأنّه يأتي عادة من امتلاء البطن، وهذا مورث للكسل، ومبعث للخمول والتّراخي والحاجة للخلود للرّاحة، وهذا من شأنه أنْ يؤدّي إلى التّأخر عن أداء العبادات والتّثاقل عنها، وهذا ممّا يحبّه الشّيطان.


  • على المسلم أنْ يدفع هذا التّثاؤب قدْر استطاعته؛ هذا لو كان خارج الصلاة، أمّا في الصلاة فالحاجة لمنعه ودفعه أوْلى وأشدّ.


  • إنْ لم يتمكّن من منع التثاؤب فإنّه يُمسك بفمه بأنْ يضع يده على فمه؛ فلا يرى منه ما لا يحسُن رؤيتَه، وحتى لا يخرج من فمه ما يستقبح.


  • إنْ لم يتمكّن من منع التثاؤب فإنّه يجتهد بأنْ لا يصدر منه أصواتٌ مزعجة، وأن ينتبه إلى أنّ صلاته قد تبطل كما سبق الإشارة إليه.


كيف أتخلّص من التثاؤب في الصلاة؟

من الأمور التي تعين المسلم على التّخلّص من التثاؤب في الصلاة ما يأتي:

  • أنْ يستحضر عظمة وقوفه بين يدي الله -تعالى-، وأنّه -سبحانه- قد امتدح من عباده المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون؛ فقال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*‏ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).[٥]
  • أنْ يتدبّر في معاني ودلالات الآيات التي يقرأها إنْ كان يصلي منفرداً أو تلك التي يستمع لها خلف الإمام.
  • أنْ يتذكّر أنّ التثاؤب من الشيطان، وأنّه مطالبٌ بإظهار عداوته له؛ فإنّه لا يملّ من إشغاله عن صلاته؛ فلا نملّ من ردّ كيده ووسوسته إلى نحره.
  • أنْ يحافظ ما استطاع على أنْ يكون متوازناً في نومه؛ ولا يرهق نفسه بكثرة السّهر وقلّة النّوم.
  • أنْ يلتزم بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المأكل والمشرب؛ فإنّ كثرتهما مورثة للكسل والخمول.

المراجع

  1. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 276، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 141، جزء 10. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3289، صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح بلوغ المرام، صفحة 10، جزء 23. بتصرّف.
  5. سورة المؤمنون، آية:1-2