إنّ الصلاة عبادةٌ جليلةٌ، أمر الله -تعالى- عباده بها، وجعلها عليهم فرضًا؛ قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] وهي عماد الدين، وفيما يأتي بيانٌ لمعنى أنّ الصلاة عماد الدين، وحديثٌ عن منزلتها وفضلها.


الصلاة عماد الدين

ورد في الحديث الشريف عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال له: (ألا أخبرُكَ بِرَأسِ الأَمرِ كلِّهِ وعمودِهِ، وذِروةِ سَنامِهِ؟ قلتُ: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ، وذروةُ سَنامِهِ الجِهادُ)،[٢] ففي الحديث وصف النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الصلاة بأنّها عمود الدين، وعامود الشيء وعماده؛ أي أصله وما يقوم عليه،[٣] وفيما يأتي بيانٌ للمراد بكون الصلاة عامود الدين وعماده.


الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام

جعل الله -تعالى- الصلاة ركنًا من الأركان الخمسة التي يقوم الإسلام عليها، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)؛[٤] فللصلاة أهمّيَّةٌ عظيمةٌ؛ إذ إنّ البناء يختلّ إذا فقد ركنًا من أركانه، وقد ذُكرت الصلاة مباشرةً بعد ذكر الشهادتين؛ للتأكيد على منزلتها وأهمّيتها.[٥]


الصلاة أول ما يُحاسب عليه العبد

إنّ ممّا يؤكّد على أهميّة الصلاة وعظيم مكانتها، وأنّه عماد الدين؛ أنّها أوّل عملٍ يُحاسب عليه المسلم ويُسأل عنه،[٥] وذلك كما ورد في الحديث الذي يرويه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإِنْ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ)،[٦] وفي روايةٍ أُخرى: (فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ)؛[٧] ومعنى ذلك أنّ الصلاة المفروضة هي أوّل ما يُحاسب عليه المسلم؛ فإذا أدّاها بالوجه الذي أمر به الله -تعالى- فاز وصلح حاله في الآخرة بإذن الله، وإن فرّط في أدائها أو قصّر؛ خسر خسرانًا كبيرًا في الآخرة.[٨]


الصلاة آخر ما يُفقد من الدين

تقلّ مظاهر الدين بين الناس مع فساد الزمن وتقدّمه، حتّى تتلاشى شيئًا فشيئًا، وذلك من علامات اقتراب الساعة، ولعِظم الصلاة، ومحافظة الناس ومداومتهم عليها؛ فإنّها آخر ما يُفقد من مظاهر وأحكام الدين ويتركه الناس، هو الصلاة، فقد رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لَتُنقَضَنَّ عُرى الإسلامِ عُروةً عُروةً، فكلما انتقضَت عُروةٌ تشبَّثَ الناسُ بالتي تليها، فأَوَّلُهنَّ نقضًا الحكمُ، وآخرهنَّ الصلاةُ).[٩][١٠]


الصلاة آخر وصايا النبيّ

كانت الصلاة من آخر الوصايا التي أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- صحابته -رضي الله عنهم-، والناس من بعدهم وهو على فراش مرضه قبل التحاقه بالرفيق الأعلى؛ ممّا يؤكّد على أهميَّة الصلاة، وعظم منزلتها،[٥] كما روى عليّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (كان آخر ُكلامِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- الصلاةَ الصلاةَ، اتقوا اللهَ فيما ملكت أيمانُكم).[١١]


الصلاة فُرضت في السماء

ممّا يدلّ على عِظم مكانة الصلاة وأهمّيتها في الإسلام؛ فرض الله -تعالى- لها في السماء، ولم تُفرض كبقيّة الأوامر والأحكام بواسطة جبريل -عليه السلام- على الأرض، حيث فُرضت الصلاة بدون واسطةٍ في السماء، وذلك عند عروج النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصعوده إلى السماوات العلا في حادثة الإسراء والمعراج.[٥]

المراجع

  1. سورة النساء، آية:103
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:2616، صححه الألباني.
  3. "شرح حديث: ألا أخبرك برأس الأمر"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، حديث صحيح.
  5. ^ أ ب ت ث سعيد بن وهب القحطاني، منزلة الصلاة في الإسلام، صفحة 11-16. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2573، حديث صحيح.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:413، حسن غريب.
  8. "شرح حديث: أول ما يُحاسب به العبد"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2022. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح المورد، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:216، حديث صحيح.
  10. "شرح حديث: لتنقضنّ عرى الإسلام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2022.
  11. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:5156، صححه الألباني.