أرشدنا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عند اتّخاذ قرارٍ أو الإقدام على أمرٍ؛ أن نلجأ إلى الله -تعالى- بأداء صلاة الاستخارة والدعاء بدعائها الذي علّمنا إيّاه، وذلك بعد الأخذ بالأسباب والاستشارة، ومن ذلك: صلاة الاستخارة عند الإقبال على عملٍ جديدٍ، وفيما يأتي بيانٌ لكيفيّة صلاة الاستخارة ودعائها.


صلاة الاستخارة للعمل

يُقصد بالاستخارة طلب الخيرة من الله -تعالى- في أمرٍ من الأمور المباحة؛[١] فللمسلم إذا أقبل على أمرٍ أو تردّد بين الإقدام والإحجام في أمرٍ ما؛ كالمضيّ في عملٍ أو توقيع عقدٍ؛ فله أن يُصلّي صلاة الاستخارة، ذلك أنّ صلاة الاستخارة تُشرع في كلّ أمرٍ دنيويٍّ من الأمور المشروعة والمباحة، أمّا فعل الواجبات أو ترك المحرّمات؛ فلا يجوز الاستخارة فيها.[٢]


أداء ركعتين

إذا كان المسلم مقبلًا على الالتزام بعملٍ ما أو القبول بعقد عملٍ أو أي أمرٍ آخر؛ فيستحبّ له أن يستخير باتّفاق الفقهاء، مستدلّين بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يستخير في كلّ شيءٍ، وعلّم أصحابه الاستخارة في كلّ شؤونهم، كما روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قوله: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ)،[٣] أمّا عن كيفيَّة أداء صلاة الاستخارة -بالصورة التي توافقت عليها المذاهب الأربعة-؛ فإنّ المسلم ينوي أداء صلاة الاستخارة، فيؤدّي ركعتين من غير الفريضة -كما يؤدّي ركعات الصلاة-، ثمّ يدعو بعد التسليم من الركعتين بدعاء الاستخارة، ثمّ يمضي المسلم فيما انشرح له صدره، أو ما يسّره الله -تعالى- وقضاه له.[٤]


دعاء الاستخارة

ونصّ دعاء الاستخارة المأثور عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- هو: (اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي - أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ)؛[٣][٤] وحاجته هنا العمل؛ فينصّ عليها المسلم في الدعاء.


القراءة في صلاة الاستخارة

أمّا ما يقرأه المصلّي في ركعتي الاستخارة بعد الفاتحة؛ فذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى القول بأنّه يُستحبّ لمن يُصلي الاستخارة أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، ويقرأ في الركعة الثانية سورة الإخلاص، في حين ذكر بعض السلف إلى أنّه يُستحبّ لمن يُصلي الاستخارة أن يقرأ في الركعة الأولى قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّـهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ* وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ)،[٥] وفي الركعة الثانية يُستحبّ له أن يقرأ قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)؛[٦] وذلك لمناسبة مضمونهما لحال الاستخارة.[٢]

المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 698. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عقيل بن سالم الشهري، صلاة الاستخارة مسائل فقهية وفوائد تربوية، صفحة 17-24. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:6382، حديث صحيح.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242-244. بتصرّف.
  5. سورة القصص، آية:68-69
  6. سورة الأحزاب، آية:36