كيفية التحيات لله والصلوات والطيبات

أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المسلمين أن يُصلّوا مثله فقال: (... صَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي...)،[١] وقد ثبت عن النبيّ الكريم عدّة صيغٍ للتشهّد في الصلاة، ويجوز الإتيان بأيّ واحدةٍ منها، ونذكر هذه الصّيغ فيما يأتي:[٢]


صيغة رواية ابن مسعود (الصيغة المشهورة)

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (عَلَّمَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَفِّي بيْنَ كَفَّيْهِ، التَّشَهُّدَ، كما يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[٣]


صيغة رواية ابن عباس

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ فَكانَ يقولُ: التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ).[٤]


صيغة رواية ابن عمر

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في التشهد: (التَّحيَّاتُ للَّهِ الصَّلواتُ الطَّيِّباتُ السَّلامُ عليْكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبرَكاتُهُ -قالَ ابنُ عمرَ زدتَ فيها وبرَكاتُهُ- السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصَّالحينَ أشْهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ -قالَ ابنُ عُمرَ زدتُ فيها وحدَهُ لا شريكَ لَهُ- وأشْهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ).[٥]


صيغة رواية أبي موسى الأشعري

عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (... إذَا كانَ عِنْدَ القَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِن أوَّلِ قَوْلِ أحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[٦]


صيغة تشهد عمر بن الخطاب

كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يعلّم الناس التشهد فيقول لهم: (... إذا تَشَهَّد أحَدُكُم فليَقُلْ: بِاسمِ اللهِ خَيرِ الأسماءِ، التَّحِيَّاتُ الزَّاكِياتُ، الصَّلَواتُ الطَّيِّباتُ للهِ...)،[٧] وباقي الصيغة مثل صيغة رواية ابن مسعود -رضي الله عنه-.


أفضل صيغة من صيغ التشهد

يرى أهل العلم جواز القراءة بأيِّ صيغةٍ من صيغ التشهّد السابقة في الصلاة، فكلّها صيغٌ صحيحةٌ وثابتةٌ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولكنّ أكثر أهل العلم على أنّ صيغة التشهّد في رواية ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- هي الصيغة الأصحّ،[٨] وتعدّد ألفاظ الرواة في صيغة التشهّد إشعار بأنّ في الأمر سَعَة مقيّدة، وأنّ الأمر في ذلك على التّخيير.[٩]


ويرى الإمام الشافعي -رحمه الله- أنّ أفضل صيغةٍ للتشهّد هي التي ثبتت في رواية ابن عباسٍ -رضي الله عنه-، لزيادة كلمة المباركات في بداية الدعاء،[٩] ومِن أهل العلم من يرى أنّ الأكمل والأفضل هو الإتيان بجميع صيغ التشهّد السابقة، بحيث يقرأ المسلم في كلّ مرةٍ بواحدةٍ منها إن استطاع ذلك؛ حتى يفعل السّنة جميعها، أمّا إن شقّ عليه ذلك فيقتصر على ما يستطيع الإتيان به منها،[١٠]


وإن أراد الاقتصار على صيغةٍ واحدة فالأفضل أن يتشهّد بصيغة رواية ابن مسعودٍ -رضي الله عنه-، لأنّها الأصحّ إسناداً، وعليها عمل أكثر أهل العلم، إذ يقول الإمام الترمذي -رحمه الله- بعد أن ذكر هذه الصيغة في السنن: "وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّشَهُّدِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ".[١١]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم:6008، صحيح.
  2. الألباني، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 161-163. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6256، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:403، صحيح.
  5. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:971، صححه الألباني.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:404، صحيح.
  7. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين ، عن عروة بن الزبير ، الصفحة أو الرقم:996، صحيح على شرط مسلم.
  8. أبو إسحاق الحويني، دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني، صفحة 14. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "صيغ التّشهد في الصلاة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2023. بتصرّف.
  10. فريق الموقع (6/3/2007)، "صيغ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2023. بتصرّف.
  11. الألباني، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 163. بتصرّف.