حكم ظهور الذقن في الصلاة

اتّفق الفقهاء على أنّ الذّقْن جزءٌ من الوجه، وبناءً على ذلك يجوز إظهاره في الصلاة، والأصل ظهوره، ويجب غسله في الوضوء، لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ...)،[١] ويُطلق الذّقْن على الحَنَك والفكّ.[٢]


والذّقْن لغةً هو: "مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهِمَا، وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الأَْسْنَانُ السُّفْلَى"،[٢] وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الوجه هو ما يُواجَه به، وحدّدوه طولاً من منابت شعر الرأس إلى الذّقْن، وعرضاً بما بين الأُذُنيْن.[٣]


حكم ظهور أسفل الذقن في الصلاة

لا خِلاف في جواز ظهور أسفل الذّقن للرجال في الصلاة، لأنّها ليست من العورة، والحديث في الأحكام هنا يتعلّق بالمرأة في الصلاة، وأسفل الذّقن لا يُعدّ جزءاً من الوجه، لذلك يجب على المرأة أن تستر المنطقة أسفل ذقنها كاملة في الصلاة، لأن ستر العورة من شروط الصلاة،[٤] وبناءً على ذلك لا يجوز تعمُّد إظهاره وكشفه في الصلاة، لأنّه ليس ممّا تحصل به المواجهة.[٥]


والحدّ الذي يُسمح بإظهاره من الوجه للمرأة في الصلاة هو ما حدّده الفقهاء، وقد بيَّنّا ذلك سابقاً، أمّا المنطقة الموجودة أسفل الذّقن فيجب سترها في الصلاة وخارجها أمام الرجال الأجانب، لأنها من العورة، ولكنّ مَن كانت تُصلّي سابقاً دون انتباهٍ لستر هذه المنطقة فالواجب نصحها وتعليمها وإرشادها، ولا تُلزم بإعادة الصلوات السابقة إذا كانت جاهلةً بالحكم.[٦]


هل تبطل الصلاة بظهور أسفل الذقن في الصلاة؟

تعدّدت آراء الفقهاء في بطلان صلاة مَن انكشف منه جزءٌ يسيرٌ من العورة المخفّفة أثناء الصلاة، فذهب جمهور الفقهاء إلى العفو عمّا يظهر من العورة في الصلاة إنْ كان يسيراً، لأنّه قليل غير فاحش، وذهب الشافعية إلى القول ببطلان الصلاة حتى وإن كان ما انكشف شيئاً يسيراً.[٧]


قال ابن قدامة -رحمه الله-: "إِنِ انْكَشَفَ مِن العَوْرَةِ يَسِيرٌ، لم تَبْطُلْ صلاتُهُ، نَصَّ عليه أحمدُ، وبه قال أبو حنيفَةَ، وقال الشَّافِعيّ: تبطُلُ؛ لأنَّه حُكْمٌ تَعَلَّقَ بالعَوْرَةِ، فاسْتَوى قَلِيلُه وكثيرُه، كالنَّظَرِ".[٨]


وقد رخّص العديد من الفقهاء في ظهور الجزء اليسير من العورة في الصلاة، فقال الإمام ابن مفلح الحنبلي مثلاً: "ولا تبطل -أي: الصلاة- بكشف يسير لا يفحش في النظر عرفاً"، وبناءً على ذلك ينبغي الحرص على ستر منطقة أسفل الذقن وغيرها خروجاً من الخلاف وعملاً بالأحوط، فإن ظهر منها شيء سهواً فلا يُبطلها إن شاء الله.


ويرى العديد من العلماء أنّ ذلك يدخل في دائرة المعفو عنه، وإلا سيكون في ذلك مشقَّةٌ وحرجٌ، والله -سبحانه- يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)،[٩] كما أن "المشقة تجلب التيسير"، وهذه قاعدةٌ فقهيّة، فينبغي الأخذ بأسباب الستر في الصلاة، وإنْ ظهر شيءٌ في الصلاة سارع المرء إلى تغطيته، فإن لم ينتبه وكان يسيراً فهو لا يُبطل الصلاة بإذن الله بناءً على قول جمهور العلماء.[١٠]

المراجع

  1. سورة المائدة، آية:6
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 214-215، جزء 21. بتصرّف.
  3. "حكم إظهار منطقة أسفل الذقن إلى الرقبة من المرأة"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  4. "حكم كشف المرأة أسفل الذقن في الصلاة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  5. "حكم صلاة المرأة إذا كان ما تحت ذقنها مكشوفا"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  6. "حكم صلاة المرأة إذا كان ما تحت ذقنها مكشوفا"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  7. "حكم صلاة المرأة إذا كان ما تحت ذقنها مكشوفا"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.
  8. ابن قدامة، المغني، صفحة 287، جزء 2.
  9. سورة الحج، آية:78
  10. "حكم إظهار منطقة أسفل الذقن إلى الرقبة من المرأة"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 4/9/2023. بتصرّف.