حكم ظهور العورة دون قصد في الصلاة

معلومٌ أنّ ستر العورة في الصلاة شرط من شروط صحّتها،[١] لذا حرص أهل العلم على بيان المسائل الفقهية المتعلّقة بستر العورة، ومن هذه المسائل حكم صلاة منْ ظهرتْ عورته أو انكشفتْ دون قصد أثناء الصلاة، وفيما يأتي استعراض لمذاهب الفقهاء في المسألة:[٢]


  • مذهب الحنفية

مذهب الحنفية بطلان الصلاة إذا انكشف ربع العضو من العورة، سواء المغلظة أو المخفّفة من الرجل والمرأة أثناء الصلاة بمقدار أداء ركن، بلا تعمّد منه، كأنْ هبّت الريح فرفعتْ ثوبه، أما إذا انكشف ذلك أو أقلّ منه بتعمّد من المصليّ فصلاته تبطل في الحال، حتى لو كان زمن انكشافها أقلّ من أدائه ركناً.


  • مذهب المالكية

المالكية ذهبوا إلى أنّ انكشاف العورة المغلظة في الصلاة مُبطلٌ لها مطلقاً، فلو دخل الصلاة مستوراً؛ ثمّ سقط السّاتر أثناء الصلاة بطُلت صلاته، ويلزمه إعادة الصلاة في المشهور عندهم.


  • مذهب الشّافعية

الشافعية قالوا: إذا انكشفت عورته أثناء الصلاة مع قدرته على سترها بطلت صلاته، إلا إذا كشفها الرّيح فسارع إلى سترها مباشرة، ففي هذه الحالة لا تبطل، وكذلك لو كُشفت سهواً وسترها على الفور لا تبطل صلاته، أما لو كُشفت بسببٍ غير الريح، كأن يكشفها طفل صغير أو بهيمة فإنّها تبطل.


  • مذهب الحنابلة

الحنابلة قالوا: إذا انكشف شيء يسير من العورة من غير قصد لا تبطل بسببه الصلاة، حتى لو طال زمن انكشاف هذا الجزء اليسير، وإن كان المنكشف من العورة كثيراً أو العورة كلّها، كما لو كشفها ريح ونحوه، فالعبرة عندهم في هذه الحالة بطول زمن الانكشاف، فإذا سترها مباشرة لا تبطل صلاته؛ أما إنْ طال كشفها -حسب العُرف- بطلت، وإنْ كشفها المصلي قصداً تبطل صلاته مطلقاً.


ما حدود عورة المصلي عند أهل العلم؟

بناءً على ما سبق من تفصيل بين المذاهب وجب الإشارة إلى أنّ تعدّد الآراء في المسألة ناتج عن تعدّد الآراء في حدّ العورة في الصلاة، وبيان ذلك فيما يأتي:[٣]

  • مذهب الحنفية

ذهب الحنفية إلى أنّ حدّ عورة الرجل في الصلاة من السّرة إلى الركبة، والرّكبة عند الحنفية داخلة في العورة؛ خلافاً للسّرة؛ أمّا حدّ عورة المرأة فهو جميع جسمها وصولاً إلى شعرها النازل عن أذنيها، ويستثنى من ذلك باطن الكفين وظاهر القدمين، واستدلّوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المرأةُ عورةٌ، فإذا خرَجَتْ اسْتَشْرَفَها الشيطانُ).[٤]


  • مذهب المالكية

ذهب المالكية إلى أنّ حدّ عورة الرجل والمرأة في الصلاة تنقسم إلى قسمين: عورة مغلظة، وأخرى مخففة، ولكلٍّ منهما حكم، فعورة الرّجل المغلظة السوءتان، ويقصد بهما القُبل والخصيتان، وحلقة الدبر، أمّا المخفّفة؛ فكلّ ما زاد على السوءتين من السرة إلى الركبة، وعورة المرأة المغلظة جميع جسمها ما عدا أطرافها وصدرها، وما حاذاه من جهة الظهر، أمّا المخفّفة فهي الصدر، وحذوه من الظهر والذراعين والعنق والرأس، ومن الركبة إلى آخر القدم.


  • مذهب الشّافعية

ذهب الشّافعية إلى أنّ حدّ العورة للرّجل ما بين السّرة والرّكبة، علماً أنهم لا يعدّوا السرة والركبة من العورة، وإنما العورة ما بينهما، ولكنّهم اشترطوا ستر جزء منهما حتى يطمئن المصلّي من ستر عورته، أمّا حدّ العورة للمرأة فهو جميع بدنها حتى شعرها النازل عن أذنيها؛ واستثنوا من الوجه والكفّان، ظاهراً وباطناً.


  • مذهب الحنابلة

اتّفق الحنابلة في حدّ العورة مع الشافعية، إلا أنّهم استثنوا من عورة المرأة وجهها فقط.

المراجع

  1. فريق الموقع، "حُكْمُ سَتْرِ العَورَةِ في الصَّلاةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2023. بتصرّف.
  2. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 172-173، جزء 1. بتصرّف.
  3. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 171-172، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1173 ، حسن غريب.