تعريف الجهر في الصلاة

يُقصد بالجهر في الصلاة؛ أن يرفع المصلّي صوته بالقراءةٍ بنبرةٍ يُسمع المصلّي بها نفسه ومن حوله، وقد يكون الجهر كذلك في تكبيرات الإحرام، وتكبيرات الانتقال في الصلاة، وكذلك في قول "سمع الله لمن حمده" بعد الرفع من الركوع، وفي التسليم آخر الصلاة، والصلوات الجهريَّة من الفرائض، هي: صلوات المغرب، والعشاء، والفجر،[١] ومن النوافل؛ فيستحبّ الجهر في صلاة القيام والتراويح، والاستسقاء والكسوف، ومن الصلوات التي يُجهر بها: صلاة الجمعة، وصلاتا العيدين،[٢] وفيما يأتي تفصيلٌ عن كيفيّة الجهر في الصلاة، وموضعه، والحكمة منه.


الصلوات الجهريّة: موضع الجهر وكيفيّته

موضع الجهر في الصلوات الجهرية

يجهر المصلّي في ركعتي الفجر، والركعتين الأوليين من صلاة المغرب، ويسرّ في الركعة الثالثة الأخيرة، ويجهر في الركعتين الأوليين من صلاة العشاء، ويسرّ في الركعتين الأخريين، وفي ركعتي صلاة الجمعة، والعيدين، كما أنّه يجهر في ركعات القيام والتراويح كلّها، والكسوف والاستسقاء، وله الجهر في صلاة الوتر، وذلك في حال كان إمامًا في جماعةٍ من المصلّين، أمّا إن صلى منفردًا في الفرائض أو القيام؛[٣] فله الجهر فيها وله أن يصلّيها سرًّا؛ وذلك لما ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يجهر في صلاته منفردًا في أحوالٍ، ويسرّ في أحوالٍ أخرى، كما جاء في رواية أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها سُئلت عن وتر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وصلاته في الليل، فقالت: (ربَّما أوتَرَ أوَّلَ اللَّيلِ، وربَّما أوتَرَ مِن آخِرِه، قلتُ: كيفَ كانتْ قراءتُه؟ أكان يُسِرُّ بالقراءةِ أم يَجهَرُ؟ قالت: كلَّ ذلك كان يفعَلُ، ربَّما أَسَرَّ، وربَّما جَهَرَ).[٤][٢]


كيفيّة الجهر في الصلاة الجهريّة

أمّا عن كيفيّة الجهر في الصلاة الجهريّة؛ فإن كان المؤدّي للصلاة الجهريَّة إمامًا في مجموعةٍ من المصلّين؛ فإنّه يرفع صوته بالتكبير والقراءة والتسليم بالقدر الذي يسمع من معه من المصلّين، وأمّا إن أدّى المصلّي الصلاة الجهريّة منفردًا، وأراد الجهر بها؛ فيكون ذلك بالقدر الذي يُسمع فيه نفسه، ولا يزعج غيره أو يشوّش عليهم،[٥] وكذلك كان فعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- في وصفه لقراءة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة؛ فقال: (كانَت قراءةُ النَّبِيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلم باللَّيلِ يرفعُ طَورًا ويخفضُ طَورًا)؛[٦] أي أنّه -عليه الصلاة والسلام- كان يخفض صوته أحيانًا ويرفعه أحيانًا، مراعيًا بذلك الحال من حوله؛ كوجود نائمًا أو مصلٍّ آخر قربه.[٧]


الحكمة من الجهر في الصلاة

إنّ معظم ما يتّصل بالصلاةٍ من شروطٍ وأحكامٍ؛ كعدد الصلوات وعدد ركعاتها، وأركانها وواجباتها؛ أمورٌ تعبديَّةٌ؛ أي لم ترد نصوصٌ تبيّن الحكمة والسبب في كونها كذلك، أو لماذا شُرعت على هذا النحو، والأمر كذلك فيما يتعلّق بالصلوات الجهرية، والمسلم مأمورٌ بالتزام أمر الله -تعالى- وإن لم يعرف الحكمة منها، وقد جاء الأمر من النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بأنّ نصلي كما صلى هو، ونقتدي به في أفعال الصلاة وكيفيّة أدائها،[٨] إلّا أنّ من العلماء من اجتهد في استنباط بعض المعاني والحِكم من كون صلوات الليل -أي المغرب، والعشاء، والفجر- صلواتٍ جهريَّةُ؛ فقالوا إنّ الجهر بالقراءة في الليل أدعى لاستحضار القلب، وحتى يقبل المسلم على مشاغل النهار متزوّدًا بما سمعه من القرآن في صلاته، وحتى يكون أنسه في الليل بالقرآن كما يأنس غيره بأمورٍ أخرى.[٣]

المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 289. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمود عبد اللطيف عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 183-186. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الرحمن بن قاسم، حاشية الروض المربع، صفحة 18-19. بتصرّف.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1437، صححه الألباني.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 884. بتصرّف.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1328، حسنه الألباني.
  7. "شرح حديث: كانت قراءة النبي"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2022. بتصرّف.
  8. "حكمة الجهر والإسرار في الصلوات"، إسلام ويب، 19/6/2011، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2022. بتصرّف.