ترتيب الصلوات الفائتة
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى القول بوجوب التّرتيب في قضاء الصّلوات الفائتة، بينما يرى الشافعية عدم وجوب ذلك، ولكنْ إنْ زادت الفوائت عن صلوات يومٍ وليلة فيرى الحنفية والمالكية عدم وجوب الترتيب في قضائها،[١] ويكون الترتيب في قضاء الفوائت بعضها مع بعض بقضاء الفجر قبل الظهر، والظهر قبل العصر، ويُراعى في ذلك الترتيب أيضاً بين الصلاة الفائتة والحاضرة.[٢]
ويدلّ على التّرتيب في قضاء الصلوات الفائتة ما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، جَاءَ يَومَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ما كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ، حتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ ما صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ).[٣][٤]
متى يسقط الترتيب في قضاء الفائتة؟
يسقط وجوب ترتيب قضاء الصلاة الفائتة في بعض الحالات لعدّة اعتباراتٍ شرعيّة، وهي:[٥]
- ضيق وقت الصلاة الحاضرة
يسقط وجوب ترتيب قضاء الصلاة الفائتة إذا ضاق وقت الصلاة الحاضرة؛ لأنّ وقت صلاة الفريضة المتبقّي أوْلى وأوْكد من ترتيب صلاة الفائتة، وهو قول الحنفية ورواية عن الإمام أحمد.
- فوات صلاة الجماعة
مَن فاتته صلاةٌ معيّنة ثمّ خشي أن تفوته صلاة الجماعة للفرض الذي يليها فيؤدي الصلاة الحالية جماعةً ثمّ يقضي بعدها الفائتة، فمن فاتته صلاة الظهر وخشي إنْ قضاها فوات صلاة العصر جماعة؛ صلّى العصر في جماعة أولاً ثم قضى الظّهر بعد ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد، وأجاز بعض أهل العلم في هذه الحالة أيضاً أن يدخل المسلم مع الجماعة بنيّة صلاة الظهر، ثمّ يُصلّي العصر بعدها، إذْ لا يؤثّر اختلاف نيّة الإمام عن نيّة المأموم.
- فوات صلاة الجمعة
صلاة الجمعة لا يُمكن قضاؤها على انفراد، فإذا كان على المسلم صلاة فائتة وأُقيمت صلاة الجمعة؛ فإنّه يُقدّم أداء الجمعة؛ لأنّه لا يستطيع قضاءها على انفراد، ثمّ يُصلّي الفائتة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
- عند النسيان
مَن قضى الصلوات الفائتة بدون ترتيبٍ ناسياً فلا شيء عليه، لأنّ المرء لا يؤاخذ بالنسيان، ويدلّ على ذلك عموم قول الله -تعالى-: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)،[٦] وهو قول الحنفية والحنابلة.
- عند الجهل
مَن قضى الصلوات الفائتة بدون ترتيبٍ؛ لأنّه يجهل حكم ترتيب الصلوات الفائتة فلا شيء عليه؛ قياساً على النسيان، وهو قول الحنفية.
هل يجب قضاء الصلاة على الفور؟
اتّفق الفقهاء على وجوب قضاء الصلاة على الفور إذا كان تأخيرها عن وقتها بدون عذر، فلا يجوز تأخير قضائها، ولا بدّ من التوبة على التقصير في ذلك، أمّا إنْ كان تأخيرها عن وقتها لعذرٍ فيرى جمهور الفقهاء أيضاً وجوب قضائها على الفور، بينما يرى الشافعية وجوب قضائها على التراخي،[٢] مع قولهم باستحباب قضائها على الفور.[٧]
المراجع
- ↑ محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1147، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 446، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:596، صحيح.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 261، جزء 1.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 262-263، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:286
- ↑ "الترتيب بين الصلوات الفائتة والحاضرة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2023. بتصرّف.