اختصّ الله -سبحانه وتعالى- بعض الأزمان والأوقات بميزةٍ خاصَّةٍ ومزيد فضلٍ عن غيرها من الأزمنة والأوقات، ومن بين هذه الأوقات المباركة: يوم الجمعة؛ فهو يومٌ شهدت نصوصٌ عديدةٌ من القرآن الكريم، وصحيح السنة النبويّة على فضله، وميّزته بالحثّ على قرباتٍ وسننٍ مخصوصاتٍ، كما ميّز الله -تعالى- هذا اليوم بأنّ فيه ساعةً يستجاب فيها الدعاء بإذن الله، وقد تعدّدت الروايات وأقوال العلماء في تحديدها، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الروايات والأقوال.


الأقوال الواردة في ساعة الاستجابة يوم الجمعة

أورد البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قوله: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا)،[١] وإشارة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بيده كما ذكر أبو هريرة -رضي الله عنه- توجيهٌ منه -عليه الصلاة والسلام- إلى أنّها وقتٌ خفيفةٌ، سريع الانقضاء،[٢] وقد تعدّدت الروايات وأقوال العلماء في تحديدها،[٣] وفيما يأتي ذكرٌ لهذه الأقوال والروايات.


أنّها آخر ساعةٍ بعد العصر

فمن أرجح الروايات والأقوال في ساعة الإجابة يوم الجمعة؛ أنّها الساعة بعد العصر، في آخر ساعةٍ منه؛ أي قبل انقضاء يوم الجمعة بغياب شمسه، ومن الروايات الواردة في ذلك؛ ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (يومُ الجمعةِ ثِنتا عشرةَ -يريدُ- ساعةً لا يوجَدُ مسلِمٌ يسألُ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- شيئًا إلَّا آتاهُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- فالتمِسوها آخرَ ساعةٍ بعدَ العصرِ).[٤][٥]


أنّها الساعة بين جلوس الإمام على المنبر وانقضاء الصلاة

قيل إنّ الساعة المستجابة من يوم الجمعة هي الساعة الموافقة لجلوس الإمام أثناء الخطبة على المنبر وحتى وقت انقضاء صلاة الجمعة؛ لما ورد في ذلك عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ)؛[٦][٥] فهذه الرواية تذكر أنّ ساعة الإجابة يوم الجمعة هي الساعة من صعود الإمام على المنبر، وقيل بعد أن يجلس عليه بين الخطبتين إلى حين تنقضي صلاة الجمعة.[٧]


ويجمع ابن القيم بين الروايتين الواردتين بقوله إنّ الساعة المخصوصة بالإجابة هي الساعة بعد العصر، وهي المخصوصة بالذكر، وهو ما رجّحه ابن القيم، أمّا الساعة بين جلوس الإمام وانقضاء صلاة الجمعة؛ فهذه الساعة مظنَّة إجابة الدعاء لا لخصوصها؛ إنّما لأنّها جاءت في موعد اجتماع الناس للصلاة وتضرّعهم لله -تعالى- وذكرهم له، وهذه الحال مظنَّة إجابة الدعاء.[٥]


من سنن يوم الجمعة

إنّ ليوم الجمعة سننًا وأفعالٍ حثّت النصوص الشرعيَّة على فعلها، ورتّبت على فعلها فضلًا وثوابًا، ومن سنن ومستحبّات يوم الجمعة ما يأتي:[٨]

  • الاغتسال.
  • التطيّب والتعطّر.
  • لبس أحسن الثياب.
  • قصّ الأظافر.
  • الذهاب مبكّرًا إلى المسجد.
  • الإنصات لخطبة الجمعة.
  • قراءة سورة الكهف.
  • الإكثار من الدعاء.
  • الإكثار من الصلاة على النبي.


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:935، حديث صحيح.
  2. "شرح حديث :في الجمعة ساعة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/8/2022. بتصرّف.
  3. "تحديد ساعة الاستجابة يوم الجمعة"، الإسلام سؤال وجواب، 14/2/2007، اطّلع عليه بتاريخ 29/8/2022. بتصرّف.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1048، صححه الألباني.
  5. ^ أ ب ت سعيد بن وهف القحطاني، شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 57-58. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:853، حديث صحيح.
  7. "شرح حديث: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقْضَى الصلَاة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29/8/2022. بتصرّف.
  8. مجموعةٌ من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 208-211. بتصرّف.