عدد ركعات صلاة التهجد

لا تختلف صلاة التهجّد عن صلاة القيام وصلاة التراويح، لأنّ هذه الأسماء تُطلق على صلاة النّافلة والتطوّع بعد العشاء وقبل الفجر، وهي في الهيئة واحدة، وكذلك في عدد الركعات، إلّا أنّ أهل العلم ذكروا أنّ التهجّد هو القيام بعد النّوم، ويكون عادةً في الثّلث الأخير من الليل، لذلك فهو أخصّ من صلاة القيام.[١]


ولا يوجد لصلاة التهجّد عدد ركعاتٍ محدّد، بل هي نافلةٌ مُطلقة، ويؤدّيها المسلم بحسب استطاعته، والأمر في ذلك واسع، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى).[٢]


وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُصلّي القيام إحدى عشرة ركعة، وقيل ثلاثة عشرة، فيُستحبّ للمسلم أن يفعل مثل ذلك إن استطاع، فقد ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).[٣][٤]


وقال بعض أهل العلم: يُستحبّ للمسلم أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة في تهجّده إذا أطال في القيام والركوع والسجود، أمّا إن لم يُطِل في ذلك فلا بأس أن يزيد ما شاء من الركعات، والأمر في ذلك واسع.[٥]


وقت صلاة التهجد

يبدأ وقت صلاة التهجّد بعد صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وعادةً ما يكون التهجّد بعد نومٍ،[٦] وأفضل وقتٍ لأداء صلاة التهجد هو: ثلث الليل بعد نصفه، بحيث يتمّ تقسيم الليل إلى نصفين، ثمّ يُصلّي المسلم التهجّد في الثلث الأول من النصف الثاني، فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا).[٧][٨]


كيفية صلاة التهجد

ينوي المسلم في قلبه صلاة التهجّد عند نومه، فإن غلبه النوم ولم يقُم فإنّ الله -تعالى- يكتب له أجر ما نواه إنْ كان صادقاً في ذلك، وإذا قام يُسنّ أن يمسح النّوم عن وجهه ويقرأ آخر عشر آيات من سورة آل عمران اقتداءً بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.[٩]


ثمّ يتوضّأ ويفتتح صلاة تهجّده بركعتين خفيفتين، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)،[١٠] ثمّ يُصلّي مثنى مثنى؛ أي يُسلّم بعد كلّ ركعتين، ويُسنّ أن يوقظ أهل بيته للصلاة، ويُصلّي بهم، ويُطيل ويُقصّر بحسب نشاطه، فإن غلبه النّعاس رقد، ويُسنّ أن يختم تهجّده بصلاة الوتر.[٩]


فضل صلاة التهجد

لِصلاة التهجّد فضائل عظيمةٍ وكثيرة، وهي أفضل من صلاة التطوّع في النّهار، لِما فيها من المشقّة بترك النوم، قال -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً)،[١١] ولِما فيها من السِّريّة والإخلاص بين يدي الله -تعالى- وحده، والتلذّذ بمناجاته.[١٢]


ومما يدلّ على فضلها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ)،[١٣] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أقربَ ما يَكونُ الرَّبُّ عزَّ وجلَّ منَ العبدِ جوفَ اللَّيلِ الآخِرَ، فإنِ استطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- في تلكَ السَّاعةِ فَكُن، فإنَّ الصَّلاةَ مَحضورةٌ مشهودةٌ إلى طلوعِ الشَّمسِ...).[١٤][١٢]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9027، جزء 11. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:990، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3569، صحيح.
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 9016، جزء 11. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 232، جزء 6. بتصرّف.
  6. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 606، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1131، صحيح.
  8. محمد التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 534. بتصرّف.
  9. ^ أ ب محمد التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 534-535. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:768، صحيح.
  11. سورة المزمل، آية:6
  12. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 167، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1163، صحيح.
  14. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم:571، صححه الألباني.