كيفية الركوع الصحيح

أجمع العلماء على أنّ الركوع ركنٌ من أركان الصلاة، فقد قال الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)،[١][٢] وحتى تصحّ الصلاة لا بدّ أن يكون الرّكوع صحيحاً، وتوضيح كيفيّته بالتفصيل فيما يأتي:


كيفية الانحناء للركوع

يُسنّ للمصلّي أن يرفع يده عند التكبير للركوع، ثمّ ينحني ويُمكّن يديْه على ركبتيْه كأنّه قابض عليهما، ويُسوِّي ظهره، فقد ثبت في حديث وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... إذَا رَكَعَ أمْكَنَ يَدَيْهِ مِن رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ...)،[٣] وهَصْرُ الظهر يعني حَنْيَهُ مُستوياً.[٤]


وتكون هيئة يديّ المصلّي في الركوع ممدودة، أي يُنحّيها عن جانبيْه، ويكون كالقابض على ركبتيْه، فعن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- قال: (إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ رَكَعَ، فوضعَ يديهِ على رُكْبتيهِ كأنَّهُ قابضٌ عليهِما ووتَّرَ يديهِ فنحَّاهما عن جَنبيهِ).[٥][٤]


ويبسط المصلّي ظهره قدر المستطاع في ركوعه، فقد قال الصحابة إنّ النبيّ الكريم كان إذا ركع بسط ظهره حتى أنّه لو صُبّ على ظهره الماء لاستقرّ في مكانه؛ لعدم وجود الميل أو الانحناء فيه، ويكون رأس الراكع مستوياً مع ظهره، فلا يخفضه ولا يرفعه، بل يكون بين هذين الحالين، ففي الحديث: (... كانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، ولَمْ يُصَوِّبْهُ ولَكِنْ بيْنَ ذلكَ...).[٦][٤]


الطمأنينة في الركوع والاعتدال منه

جاء في حديث المُسيء في صلاته أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَمَره أن يرجع ويُعيد صلاته، وبيّن له في المرة الثالثة الكيفيّة الصحيحة للصلاة، وقال في ثنايا ذلك: (... ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا...)،[٧] وهذا يدلّ على أهميّة الطمأنينة في الركوع حتى يكون صحيحاً، أمّا أنْ يهوي سريعاً، ثمّ يرفع منه مباشرةً فلا يصحّ، بل لا بدّ من الاطمئنان بعد الانحناء والوصول إلى حدّ الركوع.[٨]


والطمأنينة في الركوع ركنٌ من أركان الصلاة، ومَن لم يطمئنّ فيه بطلت صلاته، فلا بدّ أن يظلّ المصلّي راكعاً حتى يعود كلّ مفصلٍ إلى مكانه، وبعد أن يُعظّم الله -سبحانه- في الركوع يعتدل من ركوعه، ويطمئنّ حتى ينتصب قائماً، فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء في صلاته: (... ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا...).[٧][٩]


والحدّ الأدنى المقبول لتحقيق الطمأنينة في الرّكوع أنْ يستوي ظهر المصلّي في ركوعه؛[١٠] لقول النّبي -عليه الصلاة والسّلام-: (يا معشرَ المسلِمينَ لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ)،[١١] وحدُّ الطمأنينة في عموم أركان الصلاة الفعلية هو أنْ تستقرّ الأعضاء على هيئة الركن المؤدّى؛ قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً.[١٢]


ويُسنّ للمصلّي إذا قام من ركوعه أن يرفع يديه كما يرفعها عند التكبير،[١٣] ومن الأحاديث التي تدلّ على وجوب الطمأنينة عند الاعتدال من الركوع قول عائشة -رضي الله عنها- في وصفها لصلاة النبي الكريم: (... كانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ، حتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا...).[١٤][١٥]


الأذكار المأثورة في الركوع وفي الاعتدال منه

ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنّ تسبيح الركوع سنّة، أمّا الحنابلة فقالوا بوجوبه، ولأذكار الركوع العديد من الصّيغ، وهي:[١٦]

  • (سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ).[١٧]
  • (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلَائِكَةِ والرُّوحِ).[١٨]
  • (سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي).[١٩]
  • (اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي وَعَصَبِي).[٢٠]


وإذا كان المصلّي منفرداً أو إماماً فإنّه يجمع بين التسميع والتحميد عند رفعه من الركوع، أمّا إذا كان مأموماً فإنّه يكتفي بالتحميد،[٢١] وصيغة التسميع هي: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ)،[٢٢] ثمّ تكون صيغة التحميد، وهي: (رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ)،[٢٣] وتُشرع الزيادة عليه بقول: (رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ).[٢٤][٢٥]

المراجع

  1. سورة الحج، آية:77
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 261، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:828، صحيح.
  4. ^ أ ب ت عبد الكريم الخضير، دروس الشيخ عبد الكريم الخضير، صفحة 26، جزء 17. بتصرّف.
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:260، حسن صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:498، صحيح.
  7. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6667، صحيح.
  8. عطية سالم، شرح بلوغ المرام لعطية سالم، صفحة 8، جزء 57. بتصرّف.
  9. عبد العزيز الراجحي، شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث، صفحة 6، جزء 14. بتصرّف.
  10. فريق الموقع، "حد الطمأنينة في الصلاة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2023. بتصرّف.
  11. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن علي بن شيبان، الصفحة أو الرقم:718 ، صحيح.
  12. فريق الموقع (3/2/2002)، "ماحكم الصلاة بسرعة؟"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2023. بتصرّف.
  13. سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 29، جزء 4. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:498، صحيح.
  15. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 261، جزء 1. بتصرّف.
  16. "ما يقال في الركوع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:772، صحيح.
  18. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:487، صحيح.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4293، صحيح.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:771، صحيح.
  21. "من يكون منه التسميع والتحميد"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.
  22. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:811، صحيح.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:734، صحيح.
  24. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن رفاعة بن رافع، الصفحة أو الرقم:799، صحيح.
  25. "صيغ التحميد الواردة وما يزاد عليها"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2023. بتصرّف.