شروط صلاة الاستخارة

ينقسم الحديث عن شروط صلاة الاستخارة إلى قِسميْن، وهما: ما يصحّ الاستخارة لأجله، وما يُشترط لأداء صلاة الاستخارة، وتوضيح ذلك فيما يأتي:


شروط ما يُستخار له

اتّفق الفقهاء على أنّ الاستخارة لا تكون في المحرّمات والمكروهات، ولا تكون كذلك في الواجبات والفرائض، فلا يجوز الاستخارة لفعل معصيةٍ وأمرٍ محرّم، ولا تصحّ الاستخارة أيضاً لفعل واجبٍ؛ كالصلاة، لأنّه لا حاجة للاستخارة فيها، فالأمر المحرّم يُجتنب في الشرع ابتداءً، والأمر الواجب يجب فعله ابتغاء رضا الله -تعالى-.[١]


وبناءً على ذلك فالاستخارة تكون في المباحات وفي المندوبات، بل حتى في المندوبات لا تكون الاستخارة في أصلها، لأنّه المندوب مسنونٌ ومطلوبٌ شرعاً، بل تكون إذا تعارض أكثر من مندوبٍ وأراد المسلم أن يقتصر على أحدهما، أو إذا كان محتاراً بأيّهما يبدأ أولاً.[١]


شروط أداء صلاة الاستخارة

يُشترط لأداء صلاة الاستخارة ما يُشترط لأداء الصلاة عموماً، فتُشترط الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، وستر العورة، وإزالة النجاسة، والنية، واستقبال القبلة، ونحوها من الشروط، لأنّ الصلاة عبادة لله، سواءً كانت فرضاً أم نافلةً.[٢]


ومعلومٌ أنّ الاستخارة تتضمّن دعاء الله -تعالى- أن يختار لعبده الخير ويصرف عنه الشرّ، إلا أنّ الله سبحانه- شرع لها صلاة ركعتين قبل الدعاء، حتى يكون أقرب للإجابة، وأدعى لحضور القلب،[٣] ولذلك يقول ابن أبي جمرة -رحمه الله-: "الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِخَارَةِ حُصُولُ الْجَمْعِ بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَيَحْتَاجُ إِلَى قَرْعِ بَابِ الْمَلِكِ، وَلَا شَيءَ لِذَلِكَ أَنْجَعُ وَلَا أَنْجَحَ مِنَ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَالِافْتِقَارِ إِلَيْهِ مَآلًا وَحَالً".[٤]


وإذا تعذّر على المسلم أن يُصلّي صلاة الاستخارة فيُشرع له أن يدعو بدعاء الاستخارة بدون صلاة، فمثلاً لا يجوز للحائض أن تُصلّي استخارة مثلها مثل أيّ صلاة، لأنّها تفتقد للطهارة، ففي هذه الحالة تكتفي بدعاء الاستخارة وتسأل الله -تعالى- أن يختار لها الخير.[٥]


أحكام وآداب تتعلّق بصلاة الاستخارة

هناك العديد من الأحكام والآداب التي تتعلّق بصلاة الاستخارة، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٦]

  • حكمها

صلاة الاستخارة سُنَّةٌ بإجماع أهل العلم.


  • وقت أدائها

يُشرع أداء الاستخارة في جميع الأوقات، باستثناء أوقات النهي، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى عدم جواز أداء النوافل فيها، بينما ذهب الشافعية إلى القول بجواز صلاة الاستخارة فيها؛ لأنّها من ذوات الأسباب.


  • عدد ركعاتها

صلاة الاستخارة ركعتان، وتؤدّى كغيرها من الصلوات ذوات الركعتين، ولكنّها تختصّ بدعاء الاستخارة بعدها، واستحبّ العديد من العلماء أن يقرأ المسلم في الركعة الأولى بعد سورة الفاتحة سورة الكافرون، ويقرأ في الثانية بعد الفاتحة: سورة الإخلاص.


  • موطن دعاء الاستخارة

تعدّدت آراء العلماء في موطن دعاء الاستخارة لعدّة اعتبارات، ومنها تفسيرهم لسياق الحديث الثابت فيها، فمنهم مَن رأى أنّ الدعاء يكون قبل التسليم من الصلاة، ومنهم مَن رأى أنّ دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم من الصلاة، ورأى فريقٌ ثالثٌ أنّ الأمر فيه سعة، فيجوز أن يكون دعاء الاستخارة قبل التسليم من الصلاة ويجوز بعده.

المراجع

  1. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 242، جزء 3. بتصرّف.
  2. "شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة"، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 22/5/2023. بتصرّف.
  3. "الدعاء بالاستخارة من غير صلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 22/5/2023. بتصرّف.
  4. محمد البعداني، فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام، صفحة 684، جزء 2.
  5. "استخارة الحائض بالدعاء.. وهل يجب عليها التطهر والتستر له"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/5/2023. بتصرّف.
  6. عقيل بن سالم الشهري، صلاة الاستخارة مسائل فقهية وفوائد تربوية، صفحة 17-24. بتصرّف.